كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

228…
لتخصيصها وجه. واما ما اخرجه البزار عن عائشة قالت: ما كان رسول الله يفسر شيئاً من القرآن إلا آيات بعد ان علمهن إياهن جبريل .. فهو حديث منكر، كما قال الحافظ ابن كثير واوله ابن جرير على انهما اشارات إلى آيات مشكلات اشكلن عليه، فسأله الله عنهن، فأنزل إليه على لسان جبريل.
والظاهر ايضاً: أن المقصود بالتفسير، هو ما قد يشكل على بعض الصحابة، وبخاصة الصحابة الذين تقل ملازمتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ان الناس يتفاوتون في الفهم، فلعل بعض الصحابة كان يشكل عليه فهم بعض الآيات، فيفسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ومهما كان المعنى، فإن المشهور أن الصحابة كانوا يتدبرون القرآن، ويتعلمون ما فيه من الأحكام، لما روى مالك في [الموطأ 1/ 162]، أن عبد الله بن عمر مكث على سورة البقرة ثمان سنين يتعلمها.
قال السيوطي في ((تنوير الحوالك)) قال الباجي: ليس ذلك لبطء حفظه ـ معاذ الله ـ بل لأنه كان يتعلم فرائضها واحكامها وما يتعلق بها.
ونقل السيوطي قال: واخرج الخطيب في رواية مالك عن ابن عمر، قال: تعلم عمر البقرة في اثني عشرة سنة فلما ختمها نحر جزوراً.
ونقل الكتاني أن من البدع، اقتصار الناس على حفظ حروف القرآن دون التفقه فيه.
وفي جامع البيان والتحصيل لأبي الوليد بن رشد أن ابا موسى الأشعري كتب إلى عمر، أنه حفظ القرآن في البصرة في هذه السنة خلق كثير، فكتب له أن يفرض لهم، ثم كتب له في السنة بعدها أنه قد حفظ القرآن اضعاف ذلك، فقال له: اتركهم، فاني اخشى ان يشتغل الناس بحفظ القرآن ويتركوا التفقه فيه.
وفي شرح الملا علي القاري على مسند ابي حنيفة: كان من يقرأ القرآن في الصدر الأول عالماً بالسنة والفقه المتعلق بالصلاة ونحوها ولذا ورد ((يؤمهم أقرؤهم)) ... …

الصفحة 228