كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
233…للمجتهدين من بعده، ويبين للناس دستور الحياة، فعنوا بأقواله وأفعاله وتقريراته التي تثبت الاحكام وتقررها.
وعلماء الفقه: بحثوا عن رسول الله الذي لا تخرج افعاله عن الدلالة على حكم شرعي، وهم يبحثون عن حكم الشرع على افعال العباد، وجوباً أو حرمة أو إباحة ... (ب) وكان الصحابة في العهد النبوي يستفيدون احكام الشرع من القرآن الكريم الذي يتلقونه عن الرسول عليه السلام.
ولكن كثيراً من آيات القرآن جاءت مجملة غير مفصلة ـ كالأمر بالصلاة، أو مطلقة غير مقيدة، كالأمر بالزكاة ... فكان لا بد من الرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعرفة الأحكام معرفة تفصيلية واضحة .. وكذلك كانت تقع لهم كثير من الحوادث التي لم ينص عليها القرآن، فلابد من بيان حكمها عن طريقه عليه الصلاة والسلام وهو مبلغ عن ربه وأدرى الخلق بمقاصد شريعة الله وحدودها ونهجها ومراميها.
وقد اخبر الله في كتابه الكريم عن مهمة الرسول عليه الصلاة والسلام نحو القرآن، أنه مبين وموضح لمراميه وآياته، حيث يقول الله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما انزل إليهم) [النحل: 44].
كما بين القرآن ان من مهام الرسالة ايضاح الحق حين يختلف فيه الناس (وما انزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه) [النحل: 64].
واوجب النزول على حكم الرسول في كل خلاف (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما) [النساء: 65].
وأخبر الله أن النبي أوتي القرآن والحكمة ليعلم الناس أحكام دينهم فقال: (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) [آل عمران: 164]. وقد ذهب جمهور…