كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

240…
ورحل بعض الصحابة من المدينة إلى الاقاليم الاسلامية المفتوحة التي انتقل إليها بعض الصحابة، وذلك لطلب حديث واحد.
لما روي ان جابر بن عبد الله قال: ((بلغني عن رجل حديث سمعه من رسول الله فاشتريت بعيراً ثم شددت رحلي فسرت إليه شهراً حتى قدمت الشام فإذا عبد الله بن أنيس، فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب، فقال: ابن عبد الله؟ قلت: نعم، فخرج فاعتنقني، فقلت: حديث بلغني عنك انك سمعته من رسول الله، فخشيت ان أموت قبل ان اسمعه .. الحديث)) [رواه أحمد 3/ 495، والبخاري في الأدب المفرد، باب المعانقة، فذكره في صحيحه، تعليقاً بصيغه الجزم في كتاب العلم باب 19].
بل رحل ابو أيوب الأنصاري إلى مصر للتحقق والتثبت من حديث يحفظه، لما روى الخطيب البغدادي في كتاب ((الرحلة في طلب الحديث)) عن عطاء بن أبي رباح: قال: خرج أبو ايوب إلى عقبة بن عامر (1) ـ وهو بمصر ـ يسأله عن حديث سمعه من رسول الله، فلما قدم اتى منزل مسلمة بن مخلد الأنصار ي ـ وهو امير مصر ـ فأخبربه، فعجل فخرج إليه فعانقه و قال: ما جاء بك ياابا ايوب؟ قال: حديث سمعته من رسول الله لم يبق أحد سمعه غيري وغير عقبة، فابعث من يدلني على منزله .. الخ .. ص 119.
(ز) وكان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتنون بما يبلغهم من العلم بالحفظ والمذاكرة فيه.
خرج ابو نعيم عن علي قال: تزاوروا وتذاكروا هذا الحديث، ان لا تفعلوا يدرس.
ونقل ابو عمر بن عبد البر عن ابن مسعود انه قال: تذاكروا الحديث، فانه يفهم بعضه بعضاً…
__________
(1) عقبة بن عامر الجهني، كان قارئاً عالماً بالفرائض والفقه، فصيح اللسان شاعراً كاتباً، جمع له معاوية في إمرة مصر، بين الخراج والصلاة. وتوفي في خلافة معاوية واذا صح خبر الرحلة فانها تكون قبل سنة خمسين، أو اثنتين وخمسين، وهي سنة وفاة ابي ايوب عند اسوار القسطنطينية.

الصفحة 240