كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
241…
ونقل عن عون (1) بن عبد الله أنه قال: ((لقد أتينا ام الدرداء، فتحدثنا عندها، فقلنا أمللناك يا ام الدرداء (2)، فقالت: ما أمللتموني، لقد طلبت العبادة بالمدينة فما وجدت أشهى لنفسي من مذاكرة العلم)).
وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: لولا أن اسير في سبيل الله أو أضع جبهتي في التراب أو اجالس قوماً يلتقطون أطيب القول، كما يلتقط طيب الثمر، لأحببت أن أكون قد لحقت بالله.
وخرج ابن سعد في الطبقات عن ابي سعيد الخدري قال: ((كان أصحاب رسول الله إذا قعدوا يتحدثون، وكان حديثهم الفقه، إلا أن يأمروا رجلاً فيقرأ عليهم سورة، أو يقرأ رجل سورة من القرآن)).
(ح) قال الحافط أبو زرعة الرازي لمن قال له: أليس يقال حديث رسول الله أربعة آلاف حديث، قال: ومن قال ذا؟ قلقل الله أنيابه، هذا قول الزنادقة؟! ومن يحصي حديث رسول الله.
قبض رسول الله عن مئة ألف وعشرة آلاف، ممن روى عنه وسمع منه.
فقيل له: هؤلاء أين كانوا؟ وأين سمعوا منه؟ قال: أهل المدينة وأهل مكة ومن بينهما من الاعراب ومن شهد معه حجة الوداع، كل رآه وسمع منه بعرفة.
قال ابن فتحون في ذيل ((الاستيعاب)) بعد أن ذكر ذلك: أجاب أبو زرعة بهذا سؤال من سأله عن الرواة خاصة، فكيف بغيرهم؟ [مقدمة الإصابة ج 1].
قال ابن حجر: ومما يؤيد قول ابي زرعة ما ثبت في الصحيحين عن كعب بن مالك في قصة تبوك ((والناس كثير لا يحصيهم ديوان)).
وثبت عن الثوري فيما أخرجه الخطيب بسنده الصحيح إليه…
__________
(1) عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي .. ذكره البخاري فيمن توفي بين سنة عشر ومائة إلى عشرين ومائة.
(2) ام الدرداء، زوج أبي الدرداء، الصحابي، ويقال لها: أم الدرداء الصغرى، واسمها: جهيمة وهي من التابعيات، وهي التي يروى عنها الحديث الكثير.
وأما ام الدرداء الكبرى، فهي صحابية واسمها خيرة بنت ابي حدرد.