كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

247…باسقاط المكرر يصبح اربعة الاف حديثاً. وقيل بغير المكرر من المتون الموصولة (2602) حديث ... والسبب في كثرة هذه الاحاديث ان المحدثين كانوا يكتبون الاحاديث بأسانيد متعددة.
حتى قال ابراهيم بن سعيد الجوهري (249 هـ): كل حديث لايكون عندي من مئة وجه فأنا فيه يتيم [تهذيب 1/ 124].
وقال ابن معين: ((لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجها ما عقلناه)).
(ك) والذي وصلنا من الحديث الصحيح، فهو صحيح لايتطرق الشك اليه، لأن طريق النقل التي اوصلته الينا كانت مأمونة: فالحديث الواحد يرويه الصحابي أو عدد من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ينقله عن الصحابي أو الصحابة عدد كبير من التابعين المعدلين، ثم عدد اكثر من تابعي التابعين الموثوقين حتى وصلنا مدوناً ... لقد كان التابعون حريصين على جمع الحديث والفقه من افواه الصحابة، لنقله الى تابعيهم، فرحلوا اليهم وشافهوهم، ولم يرضوا بوجود الوسائط بيهم وبين الصحابة، ليكون اسنادهم عالياً قريباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ... روى الخطيب البغدادي عن ابي العالية (90 هـ) قال: ((كنا نسمع بالرواية عن اصحاب رسول الله بالمدينة، ونحن بالبصرة، فما نرضى حتنى اتيناهم فسمعنا منهم)) [الرحلة ص 93].
عن سعيد بن المسيب قال: ان كنت لارحل الايام والليالي في طلب الحديث الواحد. وعن كثير بن قيس قال: كنت جالساً مع ابي الدرداء في مسجد دمشق، فاتاه رجل فقال: ياابى الدرداء، جئتك من المدينة، مدينة الرسول، لحديث بلغني انك تحدثه عن رسول الله قال: ولا جئت لحاجة؟ قال: لا. قال: ولا لتجارة؟ قال: لا. قال: ولا جئت الا لهذا الحديث؟ قال: لا. [يريد: لا جئت الا لهذا الحديث]. قال: فأني سمعت عن رسول الله يقول: من سلك طريقاً…

الصفحة 247