كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

248…يطلب فيه علما سلك به طريقاً من طرق الجنة .. الحديث)) [أخرجه أبو داود أول كتاب العلم)).
وإن أحدهم ليحفظ الحديث وهو في بلده، فيرحل الى الصحابي ليتحقق من لفظ الحديث ومعناه .. لما روى الخطيب عن أبي عثمان النهدي التابعي (100 هـ) قال: ((بلغني عن ابي هريرة حديث انه قال: ((إن الله ليكتب لعبده المؤمن بالحسنة الواحدة ألف ألف حسنة)).
فحججت ذلك العام ولم أكن أريد الحج إلا للقائه في هذا الحديث، فأتيت ابا هريرة فقلت: يا أبا هريرة: بلغني عنك حديث، فحججت العام. ولم أكن أريد الحج إلا للقائك .. قال: فما هو؟ قلت (الحديث السابق) فقال أبو هريرة: ليش هكذا قلت، ولم يحفظ الذي حدثك)). قال أبو عثمان: فظننت إن الحديث قد سقط. قال: إنما قلت: ((إن الله ليعطي عبده المؤمن بالحسنة الواحدة ألفي ألف حسنة)) ثم قال: أو ليس في كتاب الله تعالى ذلك؟ قلت: كيف؟. قال: لأن الله يقول: (من ذا الذي يقرض الله قرضأً حسناً، فيضاعفه له أضعافا كثيرة) والكثيرة عند الله أكثر من ألفي ألف، وألفي ألف)) [مسند أحمد 521/ 2].
وعن ابي قلابة (عبد الله بن زيد الجرمي البصري) [104 هـ] قال: ((أقمت في المدينة ثلاثاً، مالي بها حاجة إلا قدوم رجل بلغني عنه حديث فبلغني انه يقدم، فأقمت حتى قدم، فحدثني به)) [الدارمي في سننه 136/ 1].
وقد فهم علماء الحديث ومدونوه، ومصنفوه هذا المعنى، فحرصوا على تحقيقه في مروياتهم .. ولذا قال الإمام أحمد بن حنبل: ((طلب علو الإسناد من الدين)) وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي، عمن طلب العلم، ترى أن يلزم رجلاً عنده علم فيكتب عنه، أو ترى أن يرحل الى المواضع التي فيها العلم…

الصفحة 248