كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

26…أحدكم فليضربها الحد , ولا يثرب)) (1).
قال الأزهري: معناه ولا يبكتها ولا يقرعها بعد الضرب.
قال ابن منظور: والثارب: الموبخ.
يقال: ثرب , وثرب , وأثرب إذا وبخ , قال الشاعر:
أني لأكره ما كرهت من الذي يؤذيك سوء ثنائه لم يثرب فـ ((يثرب)) مضارع ثرب.
ومن شواهد ((ثرب)) أو ((أثرب)) قول الشاعر: ألا لايغرّن امرءا من تلاده سوام أخ داني الوسيطة مثرب ومعنى ((مثرب)) قليل العطاء , وهو الذي يمن بما أعطى.
ومن معاني التثريب: الإفساد والتخليط.
وكلا الرأيين في وضع الاسم مقبول , وليس ممتنعا.
فإن كان اسم ((يثرب)) مأخوذا من ((يثرب)) بن عبيل العمليقي , فإنه مقبول , لأن العرب قد يطلقون اسم الإنسان أو القبيلة على المكان , والأصل فيه مجمع القبيلة , ثم أطلق على مكانها.
وإن كان اسم ((يثرب)) وضع علما على المكان لمعنى فيه , فإنه يوافق الواقع الجغرافي , أو يوافق العادة العربية في وضع الأسماء , ويجتمع مع كونه اسم إنسان في صحة التعليل.
فالاسم ((يثرب)) فعل مضارع , من ((ثرب)) بمعنى وبخ , أو لام, أو فسد.
فإن كان أصله اسم أنسان , فالعرب قد تسمي أبناءها , بالأسماء المستبشعة , على…
__________
(1) رواه أحمد 249/ 2 عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليحدها الحد ولا يثرب)) قال سفيان: لا يثرب عليها أي: لا يعيرها عليها في الثالثة أو الرابعة، فليبعها ولو بضفير. الحبل. ورواه أحمد 65/ 6، عن عائشة أن رسول الله قال: ((إذا زنت الأمة فاجلدوها وإن زنت فاجلدوها وإن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير، والضفير: الحبل)).

الصفحة 26