كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

31…بذلك. فإن صحت هذه الرواية تكون ((يثرب)) بالتاء هي المقصودة، لأنها مححدة في إحدى الروايات بأنها في جنوب الجزيرة العربية، والجبال الملفعة بالغيوم في تلك الديار أكثر من وجودها في ضواحي المدينة والله أعلم.
* * * (ب) أما ((المدينة)) فهو الاسم الإسلامي، الذي اختاره القرآن الكريم، ونص عليه الحديث الشريف الصحيح.
لما روى البخاري في صحيحه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون: وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد)).
وقوله عليه الصلاة والسلام يقولون: ((يثرب)) أي أن بعض المنافقين يسميها يثرب، واسمها الذي يليق بها المدينة.
قال ابن حجر: وفهم بعض العلماء من هذا كراهة تسمية المدينة ((يثرب)) وقالوا: ما وقع في القرآن إنما حكاية عن قول غير المؤمنين.
وروى الإمام أحمد من حديث البراء بن عازب، رفعه ((من سمى المدينة يثرب، فليستغفر الله، هي طابة , هي طابة)).
وروى عمر بن شبة من حديث أبي أيوب ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى أن يقال للمدينة يثرب)).
ولهذا قال عيسى بن دينار من المالكية: ((من سمى المدينة يثرب، كتبت عليه خطيئة)) وسبب هذه الكراهية، لأن يثرب إما من التثريب الذي هو التوبيخ والملامة، أو من الثرب وهو الفساد.
وكلاهما مستقبح وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن ويكره الاسم القبيح.
أما الأسماء الأخرى التي تذكر للمدينة في العهد الإسلامي، فإنني أظنها صفات مشتقة من منزلتها في نفوس المسلمين، ومن دورها في الدعوة الإسلامية.
وقد روى البخاري في صحيحه عن أبي حميد قال: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك حتى أشرفنا على المدينة، فقال: ((هذه طابة)). وفي صحيح مسلم: ((إن الله سمى المدينة طابة)).

الصفحة 31