كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

32…قال ابن حجر: والطاب والطيب، لغتان بمعنى، واشتقاقهما من الشيء الطيب، وقيل: لطهارة تربتها، وقيل: لطيبها لساكنيها، وقيل: من طيب العيش بها.
وقال بعض أهل العلم: وفي طيب ترابها وهوائها دليل شاهد على صحة هذه التسمية، لأن من أقام بها يجد من تربتها وحيطانها (بساتينها) رائحة طيبة لا تكاد توجد في غيرها.
قال ابن حجر: وقرأت بخط أبي علي الصدفي في هامش نسخته من صحيح البخاري، قال الحافظ: ((أمر المدينة في طيب ترابها وهوائها يجده من أقام بها، ويجد لطيبها اقوى رائحة، ويتضاعف طيبها فيها عن غيرها من البلاد، وكذلك العود وسائر أنواع الطيب)).
هذا، ويذكرون للمدينة في الإسلام أسماء كثيرة، منها: طيبة والمطيبة والمسكينة، والدار، وجابرة، ومجبورة، ومنيرة، والمحببة والمحبوبة، والقاصمة، ويزيد بعضهم حتى يوصل الأسماء إلى أربعين اسماً.
ولكن الاسم الوحيد المتداول هو ((المدينة)) بدون وصفها بالمنورة، ولن تجد اسم المدينة موصوفاً بالمنورة إلا في الكتب المتأخرة التي أُلفت في العهد التركي.
ولفظ ((المدينة)) عربي لا شك في ذلك، سواء أكانت من الفعل ((دان)) أو من الفعل ((مدن)) قال ابن منظور: وإذا نسبت إلى المدينة فالرجل والثوب ((مدني)) والطير ونحوه ((مديني)) لا يقال غير ذلك.
ويرى فيليب حتي أن لفظ المدينة، معرب عن لفظ ((مدينتا)) الآرامي الذي معناه: دائرة الفضاء، وأن أصطفيان البزنطي أطلقه عليها في القرن الرابع الميلادي.
وفيليب حتى مستغرب كذاب , يعتمد في أحكامه على الوهم أولا , وعلى الصليبية ثانيا , بل الصليبية هي دافعه الأول , التي تجعله يتخيل أحكاما باطلة على الثقافتين العربية والإسلامية , وجلّ همه أن ينسب ما جاء في القرآن والحديث إلى مصدر آخر غير الوحي الإلهي , ويجرد العربية من قدرتها على نقل الفكر الحضاري.
وإذا وجدت الكلمة في الآرامية , لا يعني هذا أن العربية أخذتها من الآرامية , فقد تكون الكلمة موجودة في اللغتين لأن الآراميين…

الصفحة 32