كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

33…يجتمعون مع العرب في الأرومة العربية (1).
وقد تكون الكلمة موجودة في العربية ثم ماتت , ثم أحياها القرآن الكريم والحديث الشريف , لأن ابن منظور يقول: ((مدن بالمكان: أقام به , فعل ممات , ومنه المدينة)).
ثم إن الآراميين ليسوا أقدم من العرب , ولا أكثر حضارة منهم , فاللغة العربية من أقدم لغات الأرض , إن لم تكن أقدم اللغات التي عرفت على وجه الأرض.
فقد نقل ابن منظور في لسان العرب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خمسة أنبياء من العرب، وهم: محمد وإسماعيل وشعيب وصالح وهود، صلوات الله عليهم)) قال ابن منظور: ((وهذا يدل على أن لسان العرب قديم.
وهؤلاء الأنبياء كلهم كانوا يسكنون بلاد العرب)).
* * *…
__________
(1) إن أقدم لغة ما زالت حية حتى اليوم، هي اللغة العربية. ومن الخطأ العلمي، الحديث عن لغات سامية، هذا المصطلح التوراتي الذي لا يستقيم مع العلم، ومع فروع اللغات القديمة فقد ورد في التوراة أن نوحاً عليه السلام ترك ثلاثة أولاد، سام، وحام، ويافث، وأن لكل منهم لغة خاصة، وأن اللغة السامية تحدد مجموعة من اللغات، يتحدث عنها واضع التوراة ولكنه يضيف إليها اللغة ((الحورية)) ويرفض اللغة الكنعانية، مع أن الحورية لا تنتسب إلى هذه الأورمة اللغوية. أما اللغة الكنعانية فهي أهم وأفصح لهجة قديمة، وهي أساس في مجموعة اللغات التي انتشرت في هذه المنطقة. وإن تسمية هذه اللغة بالعربية هي تسمية علمية، وليست أسطورية، كالتسمية التوراتية. فكلمة ((أعراب)) تعني الأقوام التي تعيش في البوادي، ولقد تحضر بعضهم فأصبحوا (عرباً) وهي تسمية أكادية، اشورية، ولا خطأ في اطلاق اسم العرب على هذه الشعوب التي تتكلم لغة واحدة مؤلفة من عدة لهجات، كان آخرها اللهجة الآرامية التي تكلم بها الإنسان في هذه المنطقة من الجزيرة العليا إلى سيناء، ثم تطورت إلى لهجات الجزيرة العربية، وكانت لهجة قريش قد اختيرت لتكون لغة القرآن. وبمقارنة اللهجات القديمة ((العمورية)) و ((الإيبلائية)) و ((الكنعانية)) مع اللهجة العربية، نجد الأواصر قوية بين هذه اللهجات. ولذلك فإن كثيراً من العلماء أصبحوا يطلقون عليها اسم اللهجات العربية، بدلاً من اللهجات السامية.

الصفحة 33