كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

36…
وكنا ألفناها ولم تك مألفاً وقد يؤلف الشيء الذي ليس بالحسن
كما تؤلف الأرض التي لم يطب لها هواء ولا ماء ولكنها وطن
.. وتحت عنوان ((الوطن)) كتب أحمد شوقي أنشودة رمزية للأطفال تقول:
عصفورتان في الحجا زحلتا على فنن
في خامل من الرياض لا ند و لا حسن
بينا هما تنتجيا ن سحراً على الغصن
مر على أيكهما ريح سرى من اليمن
حيا وقال درتا ن في وعاء ممتهن
لقد رأيت حول صنعا ءَ وفي ظل عدن
خمائلاً كأنها بقية من ذي يزن
الحب فيها سكر والماء شهد ولبن
لم يرها الطير ولم يسمع بها إلا افتن
هيا اركباني نأتها في ساعة من الزمن
قالت له إحداهما والطير منهن الفطن
ياريح أنت ابن السبيل ما عرفت ما السكن
هب جنة الخلد اليمن لا شيء يعدل الوطن ...فالشاعر يخاطب الأطفال، ويدعوهم إلى حب الوطن، وهذا شيء جميل. ولكنه أسس في نفوس الأطفال مقولة كاذبة، تقول إن أرض الحجاز قاحلة، وأساء أيضاً عندما فضل وطن الدنيا على جنة الخلد وقد جاءت هذه الأفكار إلى الناس من مصادر متعددة: منها أقوال الحجيج، وهم ينتقلون من مكة إلى المدينة، أو من المدينة إلى مكة فلا يمرون إلا على قفار وحرار وجبال .. ثم يرتحلون إلى بلادهم فيحدثون الناس بما رأوا ... وقد تأسست هذه الأفكار في قرون الخوف…

الصفحة 36