كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

45…
فعم لعمكم نافع و طفل لطفلكم يومل (1)
سابعاً: في كتب الحديث النبوي، أبواب وثيقة الصلة بالحياة الإقتصادية، مثل أبوب ((البيوع)) و ((الحرث و المزارعة)) و ((المساقاة)) و ((الأطعمة)) و ((الشركة)) .. الخ .. و هذه الأبواب تتناول أحكام المعاملات , و فيها تنصيص على مفردات ما كان يباع، و يؤكل، و يشرى، و ما يزرع .. الخ وأظن أن الأحكام الفقهية نابعة من الحياة العملية، و النهي، و الإباحة، إنما يتعلقان بما كان، و ليس بما سيكون .. و عندما ندرس هذه الأحاديث نطلع على حياة اقتصادية غنية و أعمال متنوعة، و زراعات متعددة، و أراضي زراعية واسعة، و أسواق عامرة .. كل ذلك كان قبل أن تفتح الدنيا على المسلمين، و قبل أن تتدفق أموال الفيء على المسلمين في المدينة .. و ما يدل على هذا الاتساع الاقتصادي وجود الأسواق، و توارد القوافل التجارية إليها، و حصول الثراء عند عدد من صحابة رسول الله المهاجرين .. فعبد الرحمن بن عوف جاء إلى المدينة مهاجراً و هو لا يملك شيئاً من المال، و عمل في التجارة، فربح و جمع ثروة كبيرة .. و عثمان بن عفان كان من أثرياء الصحابة في العهد النبوي وأمد جيش العسرة بالكثير من المال .. و انظر: أول الجزء الثاني من كتاب ((التراتيب الإدارية)) للكتاني، تجد فيه صورة للحياة الاقتصادية في المدينة في العهد النبوي ...و هي ليست وليدة العهد النبوي، و إنما كانت موجودة في الجاهلية.
ثامناً: لم تكن ((يثرب)) بلدة في صحراء لم يعرف بها ساكن رسماً، و إنما كانت تجاورها بلدان غنية بمواردها الاقتصادية، و يكون بينها و بين المدينة تبادل…
__________
(1) والنخل العم _ بالضم , والفتح _ التي استحكمت وكملت وطالت , أي: كبارها نافعة لكباركم , وصغارها تؤمل لصغاركم , فسمى صغارها أطفالا. والعمة: النخلة يصعد إليها إذا جنيت , وهي العميمة أيضا. وجاء في الأثر ((أكرموا عمتكم النخلة)) سماها عمة للمشاكلة في أنها إذا قطع رأسها يبست كما قطع رأس الإنسان مات. ويزعمون أن النخل خلق من فضلة طينة آدم عليه السلام.

الصفحة 45