كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

46…
اقتصادي. ومن الأصقاع القريبة: ينبع , ووادي الفرع , وخيبر , وتيماء , ووادي القرى ((العلا)) .. زيادة على تجارتها مع مكة , والطائف.
تاسعا: من المعروف أن المدينة ((يثرب)) تحيط بها الحرار من جميع جهاتها , إذا إنها أرض بركانية أصلا , ومن خصائص الأرض البركانية أن تكون خصبة.
والمدينة مشهورة بغزارة مياهها ومناسبتها لسقي الأشجار.
ومن دراسة الشعر اليثربي , نتعرف جغرافية المدينة وبيئتها الزراعية الخصبة ولنأخذ مثالا شعر ((أحجية بن الجلاح الأوسي)) الجاهلي (1) .. فنجده يذكر اللابة (الحرة) حيث يقول:
هم نكبوك عن الطريـ ـق فبت تركب كل لابة (2)
ويقول راثيا من قتلهم تبع:
ألا يالهف نفسي أي لهف على أهل الفقارة أي لهف (3)
وهناك إشارة في شعر أحيحة إلى غزارة المياه , إذ يقول في فرسه السريعة سرعة حبل البئر الذي يربط في طرفه حجر فيلقى في البئر:
تذر العناجيج الجياد بقفرة مر الدموك بمحصد ورجام (4)
ويقول في الجدول الذي يترقرق في بستانه: يزخر في أقطاره مغدق بحافته الشوع والغريف (5) …
__________
(1) ديوان ((أحيحة بن الجلاح)) جمع وتحقيق الدكتور حسن محمد باجودة.
(2) اللابة: الحرة. ونكبوك: نحوك.
(3) أهل الفقارة: الذين قتلوا في الفقارة , واحدة فقار الحرة , تشبيها بفقار الظهر.
(4) العناجيج: جمع عنجوج , وهو الرائع من الخيل. والدموك: بكرة سريعة الدوران. محصد: حبل شديد القتل.
والرجام: حجر يشد في طرف الحبل , ثم يدلى في البئر , يخضخض به الحمأة حتى تثور , ثم يستقى ذلك الماء فيستنقى البئر , وهذا إذا بعدت فلم ينزل إليها.
(5) الشوع: بالضم شجر البان , وهو جبلي واحدته شوعة , والغريف: بكسر الغين وسكون الراء: ضرب من الشجر.

الصفحة 46