كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
462…
يارسول الله، على إحدنا بأس، إن لم يكن لها جلباب أن لا تخرج ـ أي إلى مشهد العيد ـ فقال: لتلبسها صاحبتها من جلبابها، فليشهدن الخير ودعوة المسلمين.
وقالت حفصة: فلما قدمت أم عطية، أتيتها فسألتها: أسمعت في كذا وكذا، قالت: نعم ـ بأبي ـ وقلما ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم إلا قالت: بأبي ـ قال: ليخرج العواتق ذوات الخدور، أو قال: العواتق وذوات الخدور، ويعتزل الحيض المصلى ـ لا يصلين العيد، وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين قالت: فقلت لها: آلحيض؟ قالت: نعم.
أليس الحائض تشهد عرفات، وتشهد كذا وكذا , أقول: وأهل المدينة اليوم يسمون صلاة العيد ((المشهد)) فيقول أحدهم للآخر: هل حضرت المشهد .. وهم لا يعلمون السبب في ذلك .. وما زال يحضر إلى صلاة العيد الرجال والنساء والصبيان.
ويحرص أهل المدينة على حضور ((المشهد)) حتى تضيق بهم الساحات على رحبها حول المسجد النبوي، ولكنهم لا يعرفون بجواز حضور المرأة الحائض، فلا يحضره إلا من تصلي من النساء، ولكن يحضره الصبيان الصغار، من صلى منهم ومن لم يصل .. ولعل هذا موروث من القديم، وإذا صح أن نعد عمل أهل المدينة اليوم حجة، كما فعل الإمام مالك في الموطأ ـ فإننا ندعم به، رأي من قال بوجوب خروج النساء إلى شهود العيدين سواء كن شواب، أم لا، وذوات هيئات ـ حسن وجمال ـ أم لا.
فقد رأى بعض العلماء ان ذلك منسوخ، وان ذلك كان في أول الإسلام والمسلمون قليل، فأريد التكثير بحضورهن إرهابا للعدو .. وأجيب عن ذلك بأن الحكمة إظهار شعار الإسلام بالمبالغة في الاجتماع ولتعم جميع المسلمين البركة.
وأما قولهم إن ذلك كان أرهابا للعدو، ففيه نظر، لأن الاستنصار بالنساء والتكثير بهن في الحرب دال على الضعف ..
* * *
…