كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
469…
بالمدينة امرأة عطارة تسمى ((الحولاء بنت تويت، فجاءت حتى دخلت على عائشة، فقالت: يا أم المؤمنين اني لأتطيب كل ليلة واتزين كاني عروس ازف، فأجئ حتى ادخل في لحاف زوجي، أبتغي بذلك مرضاة ربي فيحول وجهه عني .. فقالت لها عائشة: لا تبرحي حتى يجيء رسول الله فلما جاء قال: اني لأجد ريح الحولاء، فهل اتتكم وهل اتبعتم منها شيئاً .. الحديث)).
وذكر ابن حجر ((الحولاء)) امرأة عثمان بن مظعون، وقال: يحتمل ان تكون هي العطارة ان كانت قصتها محفوظة، فان عثمان بن مظعون كان مشهوراً بالإعراض عن النساء.
وفي ترجمة ((مليكة)) والدة السائب بن الأقرع قال ابن حجر: كانت تبيع العطر فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألك حاجة؟ قالت: تدعو لابني .. الحديث.
أقول: واذا صحت اخبار النساء العطارات، فانهن يبعن العطر الى النساء في البيوت، وليس في السوق .. لما جاء في ترجمة اسماء بنت مخربة ـ وهي ام ابي جهل ـ في ((الاصابة)) عن الربيع بنت معوذ قالت: دخلت في نسوة من الانصار عن اسماء بنت مخربة ام ابي جهل، في خلافة عمر بن الخطاب، وكان عياش بن عبد الله بن ابي ربيعة يبعث اليها من اليمن بعطر، فكانت تبيعه إلى الأعطية (1) فقالت لي: انت بنت قاتل سيده، قلت: لا، ولكني بنت قاتل عبده قالت: حرام علي ان ابيعك من عطري شيئاً، قلت: وحرام عليّ ان اشتري منه شيئاً، فما وجدت لعطر نتناً غير عطرك ...
وأما الحسبة: فشاهدها، ما ذكره ابن عبد البر في ترجمة سمراء بنت نهيك انها ادركت النبي صلى الله عليه وسلم، وعمرت، وكانت تمر في الاسواق، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتنهى الناس عن ذلك بسوط معها.
وجاء في ترجمة الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس العدوية انها اسلمت…
__________
(1) إلى الأعطية: اي تبيعه بالدين الى حين وقت العطاء الذي يأخذونه من بيت المال.