كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

48…
نبئت أنك جئت تسـ ري بين داري والقبابة
فلقد وجدت بجانب الضحـ ـيان شبانا مهابة
فتيان حرب في الحديـ ـد وشامرين كأسد غابه
* * *
فالشاعر يخاطب عاصما أخا كعب بن عمرو المازني النجاري الخزرجي الذي أمر أحيحة قومه بني جحجبا أن يقتلوه , وبسببه التقى الحيان , وكانت الحرب التي تسمى حرب كعب بن عمرو المازني ,فانهزم أحيحة ولجأ إلى حصنه , ثم بلغه أن عاصما يتطلبه ليجد له غرة فيقتله , فقال الأبيات.
والقباب , كغراب , أطم (حصن) بالمدينة.
والضحيان: أطم كان لأحيحة.
* * *
ونأخذ من شعر أحيحة , أن البيئة اليثربية الخصبة شدت الناس إليها , فعرفوا الاستقرار وألفوه , ولم يتحولوا إلى رعاة .. ونرى أحيحة يفضل الزراعة على الرعي , وذلك قوله مفاضلا بين النخيل والإبل:
وتصبح حيث يبيت الرعاء وأن ضيعوها وإن أهملوا (1)
ولا يصبحون يبغونها خلال الملا كلهم يسأل
.. ويفخر أحيحة بعمارة الزوراء ذات النخيل , فيقول:
إني أقيم على الزوراء أعمرها إن الكريم على الإخوان ذو المال ويصف لنا الطريقة التي يسقي بها اليثربيون زرعهم , وذلك بإرسال الماء في مجاريه , فيقول:
__________
… (1) قال ابن منظور: إنما عنى بالرعاء هنا , حفضة النخل , لأنه إنما هو في صفة النخيل , يقول: تصبح النخل في أماكنها لا تنتشر كما تنتشر الإبل المهملة.
(2) الزوراء: أرض كانت لأحيحية , سميت ببئر كانت فيها. والزوراء: البئر البعيدة القعر.

الصفحة 48