كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
485…
اما التاليف في الحديث، فقد توقف موضوعه عند الوفاة النبوية، لأنه يتصل بشخص النبي صلى الله عليه وسلم، وكل ماألف في الحديث في العصور التالية لا يخرج عن حدود هذه المدة الزمنية ...
واما التاليف في السيرة، فقد بنى عليه المؤلفون فيما بعد تاريخ الخلفاء الراشدين وخلفاء بني امية، وخلفاء بني العباس.
فالرسول عليه السلام رأس الحكومة الاسلامية، والخلفاء من بعده يمثلون الحكومة الاسلامية ايضاً ولأن كتب السيرة النبوية اهتمت بالمغازي فقط، فكذلك اهتم مؤلفو التاريخ بالفتوحات في العهد الراشدي، وتابعوا اهتمامهم بالفتوحات في العصر الأموي .. ولكن الأحداث الحربية في العهود التي تلت العهد النبوي، لم تقتصر على الفتوحات، فقد تداخلت معها الحروب التي نتجت عن الفتن، فاضطروا ان يسجلوا هذه الاحداث، وهكذا تتابع المؤلفون في التاريخ كل كتاب يبدأ ـ غالباً ـ بالمغازي النبوية، ثم فتوحات العهد الراشدي ثم ما كان في العصر الأموي: ..
وجاء اقتصار كتب التاريخ على احداث الحروب .. لأنهم ربطوا بين التاريخ والامراء، فهذا العهد النبوي، وهذا العهد الراشدي .. ابو بكر، فعمر فعثمان فعلي .. وهذا العهد الاموي .. ثم تربط الاحداث بالأمير .. والامير هو القائد الاعلى للجيش ... ولكن التاريخ الحقيقي ليس تاريخ الحروب فقط، فموضوع التاريخ: الانسان والزمان، ومسائله: احوالهما المفصلة للجزئيات، تحت دائرة الأحوال العارضة الموجودة للانسان وفي الزمان (الاعلان بالتوبيخ ـ للسخاوي)
... وموضوع الزواج، يتصل بالانسان الذي جعله التاريخ موضوعه: والانسان حرب وسلم، وزراعة وتجارة، وعادات وتقاليد، فهو يجمع في سلوكه (الدين والدنيا) .. والدين ثابت لا يتغير، ولذلك فان احكامه تتناولها كتب الفقه. واما الدنيا، فهي متغيرة، تعتورها اطوار، ولذلك فان كتب التاريخ تتناول اطوارها.
…