كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

489…
عمر بن الخطاب، خطب إلى علي ابنته أم كلثوم ـ بنت فاطمة ـ فذكر له صغرها، فقال: أبعث بها إليك، فإن رضيت فهي امرأتك، فأرسل إليها، فكشف عن ساقها فقالت: لولا أنك أمير المؤمنين لصككت عينيك. [عن المغني لابن قدامة 6/ 554].
وقد يرسل الخاطب إلى المخطوبة من يتعرف على صفاتها الخلقية التي لا تعرف إلا بالمخالطة، أو بالجوار .. وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سليم إلى امرأة فقال: ((انظري إلى عرقوبها، وشمي معاطفها، وفي رواية شمي عوارضها)) [رواه أحمد، والحاكم والبيهقي].
(ب) عقد النكاح: ويكون باجتماع الطرفين: الخاطب، وولي المخطوبة والشهود، ويتلفظ الطرفان بألفاظ تدل على الرغبة في عقد النكاح ويسمى المهر في هذا المجلس.
(جـ) الجهاز: يؤخذ من الإخبار المروية، أن أهل الفتاة يجهزون ابنتهم قبل ذهابها إلى بيت زوجها، ويعدون لها ملابس خاصة بليلة العرس: فقد روى النسائي عن علي رضي الله عنه قال: ((جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خميل، وقربة، ووسادة حشوها إذخر)).
فإذا لم تجد العروس ثوبا جديدا تلبسه ليلة البناء، استعارت من نساء المدينة، لما روى البخاري، عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه قال: ((دخلت على عائشة رضي الله عنها، وعليها درع قطر ـ قطن ـ ثمن خمسة دراهم فقالت: ارفع بصرك إلى جاريتي، انظر إليها، فإنها تزهى أن تلبسه في البيت، وقد كان لي منهن درع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما كانت امرأة تقين بالمدينة، إلا أرسلت إلي تستعيره)) (1). [كتاب الهبة ـ باب الاستعارة للعروس عند البناء].

__________
(1) قال ابن الجوزي: أرادت عائشة رضي الله عنها، أنهم كانوا أولا في حال ضيق وكان الشيء المحتقر عندهم إذ ذاك، عظيم القدر.
وفي الحديث: إن عارية الثياب أمر معمول به مرغب فيه وأنه لا يعد من الشنع.

الصفحة 489