كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

49…
لها ثلاث بئار في جوانبها في كلها عقب تسقى بأقبال (1)
* * *
ويجعل أحيحة خير ما يقنيه الإنسان , النخيل , لأنه هو الذي يلبي نداء صاحبه عند الحاجة , فيقول:
كل النداء إذا ناديت يخذلني إلا ندائي إذا ناديت يامالي
* * *
ومن ضرورات المجتمع الزراعي: اقتناء الكلاب للحراسة , ويذكر لنا أبو الفرج أن أحيحية كان إذا أمسى جلس بحذاء حصنه الضحيان , ثم أرسل كلابا له تنبح دونه على من يأتيه ممن لا يعرف حذرا أنه يأتيه عدو يصيب منه غرة. [الأغاني 15/ 48]. وجاء ذكر الكلاب في أبيات أحيحة التي يقول منها:
ما أحسن الجيد من مليكة واللبات إذ زانها ترائبها (2)
ياليتني ليلة إذا هجع الناس ونام الكلاب صاحبها (3)
في ليلة لا نرى بها أحدا يحكي علينا إلا كواكبها (4) …
__________
(1) جاء في اللسان: العقبة: الدولة , والعقبة: النوبة , تقول: تمت عقبتك. والعقبة أيضا: الإبل يرعاها الرجل , ويسقيها عقبته أي: دولته , كأن الإبل سميت باسم الدولة. والعقب: نوب الواردة , ترد قطعة فتشرب فإذا وردت قطعة بعدها فشربت , فذلك عقبتها. وأقبال الجداول: أوائلها ورؤوسها.
(2) اللبات: جمع لبة , موضع القلادة من الصدر. والترائب: حمع تربية, وهي عظام الصدر.
وإنما جمعهما بما حولهما , كأنه سمى ما يجاور اللبة , لبة وما يجاور التربية تربية كما قالوا: شابت مفارقه.
(3) صاحبها: خبر ليت , ونظم الكلام: ياليتني صاحبها ليلة إذا هجع الناس.
(4) يحكي: من الحكاية , بمعنى الرواية ((وعلى)) بمعنى ((عن)) ويقال: ضمن يحكي معنى ((ينم)).
والبيت من شواهد سيبويه , على رفع ((كواكبها)) بدلا من ضمير يحكي لأنه في المعنى منفي.
وقال الشنتمري: ((ولو نصب على البدل من ((أحد)) لكان أحسن لأن ((أحدا)) منفي في اللفظ والمعنى , والبدل منه أقوى. ولكن القافية مرفوعة وذلك يقوي أنه أبدل ((كواكبها)) من الضمير المستتر في ((يحكي)) (الخزانة 3/ 350).

الصفحة 49