كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
490…
(د) في ليلة الزفاف: في ليلة الزفاف، تجتمع النسوة في البيت الذي تزف فيه العروس إلى زوجها، وتقوم واحدة منهن بإصلاح شأنها، وتزيينها وربما غنين، وضربن بالدف ...
وفي قصة السيدة عائشة ما يدل على ذلك، حيث روى البخاري عن عائشة قالت: ((تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين ـ أي عقد علي ـ فقدمنا المدينة، فنزلنا في بني الحارث بن الخزرج، فوعكت، فتمزق شعري فوفى جميمة، فأتتني أمي أم رومان، وأني لفي أرجوحة ومعي صواحب لي فصرخت بي فأتيتها، لا أدري ما تريد بي، فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي، ثم أخذت شيئا من الماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت فقلن: على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن فأصلحن من شأني، فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى فأسلمنني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين)).
وذكر الرواة من النساء اللواتي حضرن الزفاف، أسماء بنت يزيد بن السكن، وقالوا هي التي زينت عائشة، ورووا عنها قالت: ((لما أقعدنا عائشة لنجليها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاءنا فقرب إلينا تمرا ولبنا .. )) [الفتح 9/ 223].
وبوب البخاري في كتاب النكاح باب ((النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها))، وروى عن عائشة أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ((ياعائشة، ما كان معكم لهو، فإن الأنصار يعجبهم اللهو)) وفي رواية: ((قوم فيهم غزل)) ويقصد من اللهو أو الغزل: الغناء، والضرب على الدف. لما روى النسائي: ((إنه رخص لنا في اللهو في العرس)).
ورووا أن رسول الله علمهم ما يقولون:
أتيناكم أتيناكم ... فحيانا وحياكم
ولولا الذهب الأحمـ ... ر ما حلت بواديكم
ولولا الحنطة السمرا ... ء ما سمنت عذاريكم
…