كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
492…
الصهباء، حلت، فبنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صنع حيسا (طعاما) في نطع صغير، ثم قال لي: اذن من حولك، فكانت تلك وليمته على صفية .. )) [البخاري رقم 4211].
ويؤخذ من مجموع الأقوال في الوليمة أنها ليست واجبة، أو أنها واجبة بما يقدر عليه الرجل، كثر أو قل، ولكن يظهر من بعض الشواهد حرص الرجال على أن تكون الوليمة مشهودة يحضرها جمع غفير، ويقدم فيها من أحسن الطعام.
وقد أخذت من قصة الأمام علي رضي الله عنه حيث روي عنه قوله: ((فلما أردت أن ابتني بفاطمة، بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعدت رجلا صواغا من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإذخر، أردت أن أبيعه الصواغين وأستعين به في وليمة عرسي .. )) [البخاري 3091]. ويؤخذ من هذا السياق أنه كان يعد العدة لوليمة كبيرة، مع عسره.
.. ولم تذكر كتب اللغة شاهدا جاهليا لوجود ((الوليمة)) لفظا ومعنى في الجاهلية.
فالمادة اللغوية الأصلية للوليمة ((الولم، والولم،: حزام السرج والرجل والولم: القيد. والولمة: تمام الشيء واجتماعه. وأولم الرجل: إذا اجتمع حلقه وعقله. وكل هذا تقليب لغوي لم يذكروا له شاهدا وأما ((الوليمة)) وهي طعام العرس والإملاك .. فشواهدها من الحديث النبوي.
فهل تعد كلمة الوليمة، إسلامية؟ وهل سنت الوليمة في الإسلام، ولم تكن في الجاهلية؟.
أقول: لعلها إسلامية، لأنهم لم يذكروا أن رسول الله عمل وليمة عندما تزوج من خديجة.
ولو كانت عادة جاهلية ما أحتاج عبد الرحمن بن عوف أن يذكره رسول الله بالوليمة، حيث قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولم ولو بشاة.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عاءشة بعد الهجرة بسبعة أشهر، ولم يرووا أن رسول الله صنع وليمة. لعلها سنت بعد ذلك.
…