كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

497…
.. فالذين كرهوه، لم يثبت عندهم نص على وجوده في العهد النبوي.
وأما الذين اباحوه، فاعتمدوا على القياس، والنص:
اما القياس: فلما روى ابو داود عن عبدالله بن قرط قال: ((قرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس بدنات أو ست فطفقن يزدلفن اليه .. فنحرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال كلمة لم اسمعها، فسألت من قرب منه فقال: قال: من شاء اقتطع)).
وهذا جار مجرى النثار.
وأما النص، فهو حديث اخرجه ابو جعفر الطحاوي، بإسناد ضعيف عن معاذ بن جبل (1)، ان النبي صلى الله عليه وسلم حضر ملاك رجل من الأنصار، فخطب، وأنكح الأنصاري وقال: على الالفة والخير، والطائر الميمون دففوا على رأس صاحبكم، فدفف عليه، فجاء الجواري معهن الاطباق فيها اللوز والسكر، فنثر عليهم، فامسك القوم ايديهم فلم يمدوها الى الاطباق، فقال عليه السلام: الا تنهبون؟ قالوا: انت نهيت عن النهبة، قال: انما نهيت عن نهبة العساكر، اما العرسان فلا انهاكم عنه.
ثم قال معاذ: فرأيت رسول الله يجاذبهم ويجاذبونه في الانتهاب.
وقد استشهد الطحاوي بهذا الحديث على ان النثار بنحو اللوز و السكر غير مكروه.
ولكن البيهقي قال: لا يثبت في هذا المعنى شيء.
وانا ذكرته، لا لأثبت حكماً، او انفيه، وانما اردت التأريخ .. فاذا لم يثبت الحديث، او لم يثبت حضور النبي صلى الله عليه وسلم قصة النثار المذكورة فقد يكون النثار موجوداً، وان لم يوجد في العهد النبوي، فقد يكون حدث في زمن الخلفاء الراشدين، وبخاصة زمن عثمان، حيث بلغ الوسع غايته بكثرة الاموال [المغني، لابن قدامة 7/ 11].

__________
(1) قال ابن حجر في [الفتح 9/ 222] والحديث رواه الطبراني في الكبير، بسند ضعيف وأخرجه في الاوسط بسند اضعف وأخرجه ابو عمرو البرقاني في كتاب ((معاشرة الأهلين)) وفي سنده أبان العبدي وهو ضعيف.

الصفحة 497