كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

54… (هـ) وليس عندنا رواية صحيحة عن زمن هجرة اليهود إلى المدينة، وجل ما نقل إلينا هجرتهم فيه الكثير من الكذب والاختلاق.
ثانياً: من أول من سكن يثرب؟ هناك جواب واحد عن هذا السؤال، لا يقبل النقض، وهو أن أول من سكن يثرب هم العرب، سواء أكانوا من العماليق، أم ممن خلفهم من الأجيال العربية التالية.
فالمدينة تقع في وسط جزيرة العرب، ولن ينبت فيها إلا العرب، والتسلسل التاريخي يقرر أن يكتشف خيراتها وصلاحها للسكنى قوم ممن كانوا يجوبون الجزيرة العربية بحثاً عن مستقر لهم بعد الطوفان، وهؤلاء القوم، من أهلها ـ أهل الجزيرة العربية ـ الذين نشؤوا فوقها، ثم ضاق محلهم أو أمحل فطفقوا يبحثون عن مكان يكفل لهم أسباب العيش، فنزلوا ((يثرب)) لتوفر أسباب العيش بها، وهي ((الماء)) و ((الزراعة)) ...ثم تتابع العرب على سكناها بأسماء ومسميات متعددة، إلى أن استقر أمر الناس بها بالصفة الأخيرة التي وصلتنا، وهؤلاء هم: الأوس والخزرج، وقبائل عربية أخرى .. وإنما غلب اسم ((الأنصار)) في الإسلام، على الأوس والخزرج لغلبتهم وكثرتهم.
ثالثاً: في قصة الأوس والخزرج: نسبهم وزمن نزولهم ((يثرب)).
أما نسبهم، فإن أصح الأخبار فيه أنهم منسوبون إلى إسماعيل عليه السلام والأدلة على ذلك كثيرة، منها:
(أ) من المشهور عند النسابين، أن الأوس والخزرج، وخزاعة، وعدنان .. من اليمن، وجماع نسب أهل اليمن ينتهي إلى قحطان .. ومن خزاعة، قبيلة أسلم، وقد جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج على قوم من أسلم يتناضلون بالسوق، فقال: ((ارموا بني اسماعيل، فإن أباكم كان رامياً)) [الفتح 357/ 6].
وبناءً على ذلك بوب البخاري ((باب نسبة اليمن إلى إسماعيل)) منهم: أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر من خزاعة .. واكد…

الصفحة 54