كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
66… (جـ) وسوف أرجع في تحقيق هذا الجانب، غلى كتاب ((وفاء الوفا)) للسمهودي، لأنه جمع كل ماألف قبله، ويعد المرجع الأول لمن يؤرخ للمدينة النبوية في العصر الجاهلي .. وجلُّ أخبارالعصر الجاهلي، منقولة عن ابن زبالة، والشرقي، والكلبي وأضرابهم، وينقل السمهودي عن كتب السابقين التي وصلته، أو عمن وصلت اليه ... ومن العجيب أنه ينقل من الغرائب، ما لا يقره عقل ولا نقل، بل يستخف بعقل القارئ.
من ذلك مانقله عن ابن زبالة عن زيد بن أسلم: أن ضبعاًُ رؤيت وأولادها رابضةً في حجاج عين رجل من العماليق.
والحجاج: بكسر أوله وفتحه: العظم الذي ينبت عليه الحاجب.
وقال زيد بن اسلم: وكانت تمضي أربعمائة سنة وما يسمع بجنازة.
اقول: وإذا كان إنسان العماليق له هذا الحجم، فلماذا لاتكون ضبع العماليق متناسبة مع حجم الناس في ذلك الزمان؟ وإذا كان إنسان العماليق ـ قبل خمسة ألاف سنة ـ تربض الضبع في حجاج عينه، فلابد أن يكون الإنسان أيام نوح، ومن قبله، تربض الفيل في حجاج عينه؟ وإذا كان الإنسان يتدرك نحو الصغر مع تعاقب الأزمنة، فأن الانسان بعد مليون سنة سيصبح في حجم النملة .. ولعل رواة هذه الاخبار يقولون: إن الله اختص العماليق بهذا الحجم، فنقول لهم هذا باطل، لأن الله أخبر أن الناس جميعامن نسل آدم، ولن يكون بين السلالة الواحدة هذا التفاوت من الأجسام وقد راينا بيوت قوم صالح منحوتة في الجبال، واكتشفت قبور الفراعنة، فلم نجد فيها ما يدل على ما وصفوا من ضخامة الأجسام وطولها .. وإليك أخباره في زمن وصول اليهود إلى المدينة وتعليقنا عليها:
الأول: أسند رزين عن أبي المنذر الشرقي، قال: سمعت حديث تأسيس المدينة من سليمان بن عبيد الله بن حنظة الغسيل، قال: وسمعت أيضاً بعض ذلك من رجل من قريش عن أبي عبيدة بن عبد الله بن عمار بن ياسر؛ قال: فجمعت بينهما لكثرة اتفاقة وقلة اختلافه.
وذكر خبراً يقول إن موسى عليه السلام حج، وحج معه اناس من بني اسرائيل، فمروا في المدينة في انصرافهم،…