كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
73…وشدد على اليهود من جميع أنحاء فلسطين، فأصابهم من معاملته أكثر مما أصابهم من طيطوس وبختنصر.
الثالثة: سنة 627 م، عندما أعاد هرقل القدس من أيدي الفرس الذين استولوا عليها بمعونة اليهود .. فقد نكل بهم هرقل ومنعهم من دخول القدس والإقامة فيه وجاء الفتح الإسلامي وهم على هذه الحال، وكتب عمر في عهده إلى أهل القدس شرطاً ألا يساكنهم أحد من اليهود ... فمن المحتمل أن تكون هجرة اليهود إلى الحجاز بدأت سنة 70 م، وتتابعت في موجات حسب ما يتعرضون له من مضايقات ... وقد روى ياقوت الحموي عن بعض علماء الحجاز من يهود، أن سبب نزولهم الحجاز أن ملك الروم ظهر على بني إسرائيل وملك الشام وخطب إلى بني هارون وفي دينهم ألا يزوجوا النصارى، فخافوا و أنعموا له، وسألوه أن يشرفهم بإتيانه إليهم، فأتاهم، ففتكوا به وبمن معه، ثم هربوا حتى لحقوا بالحجاز، فأقاموا بها .. وإذا صحت هذه الرواية فإن بداية هجرة اليهود إلى الحجاز كانت بعد سنة 306 م، لأن الرومان أعتنقوا الديانة المسيحية في عهد الأمبراطور قسطنطين (306 ـ 337 م)، فهو الذي تنصر وعمم الديانة المسيحية، وبنى عدة كنائس، وهيلانة أمه هي التي أقامت كنيسة القيامة في القدس، وكنيسة المهد ...
(هـ) وبهذا نستطيع أن نجزم أن نزول اليهود إلى أرض الحجاز إنما كان بعد ميلاد المسيح عليه السلام، وأنهم وصلوا في أزمان متفاوتة، أقدمها سنة 70 م، وكان أكثرهم قد هاجر بعد سنة 300 م، عندما اعتنق حكام الرومان المسيحية، وبدأ الصراع الحقيقي بين أتباع الديانتين المسيحية واليهودية، والمعروف أن النصارى يحقدون على اليهود لاعتقادهم أنهم صلبوا المسيح، وآخر هجرة كانت قبيل الإسلام، في عهد هرقل في بداية القرن السابع الميلادي.
…