كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
76…وأما المكان الذي اشير فيه إلى نبوة الكليم، والمسيح والمصطفى عليهم السلام: فقوله من التوراة: ((إن الله تعالى من سيناء تجلى وأشرف نوره من سيعير واطلع من جبال فاران ومعه ربوات القديسي)).
قال: وهم يعلمون أن جبل سيعير هو جبل الشراة الذي فيه بنو العيص الذين آمنوا بعيسى عليه السلام، بل في هذا الجبل كان مقام المسيح، ويعلمون أن سيناء هو جبل الطور، لكنهم لا يعلمون أن جبل فاران هو جبل مكة.
فأما الدليل الواضح من التوراة، على أن جبل فاران هو جبل مكة، فهو ان إسماعيل لما فارق أباه الخليل، سكن إسماعيل من برية فاران ونطقت التوراة بذلك في قوله: ((وأقام في برية فاران وأنكحته أمه امرأة من أرض مصر)).
فقد ثبت في التوراة أن جبل فاران مسكن لآل إسماعيل وإذا كانت التوراة قد أشارت في الآية التي تقدم ذكرها إلى نبوة تنزل على جبل فاران، لزم أن تلك النبوة على آل اسماعيل لأنهم سكان فاران.
وقد علم الناس قاطبة أن المشار إليه بالنبوة من ولد إسماعيل: محمد صلى الله عليه وسلم وأنه بعث من مكة التي كان فيها مقام إسماعيل فدل ذلك على إن جبال فاران هي جبال مكة وأن التوراة أشارت في هذا الموضع إلى نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم وبشرت به إلا أن اليهود لجهلهم وضلالهم لا يحسنون الجمع بين هاتين الآيتين.
وقد شهدت عليهم التوراة بالأفلاس من الفطنة والرأي، فقال تعالى: ((إنهم لشعب عادم الرأي وليس فيهم فطانة)).
الخبر السابع: من الأخبار الكاذبة، الموضوعة، الملفقة التي لا يصح لها سند ولا متن قصة الفطيون، اليهودي، التي نقلها السمهودي وغيره من المؤلفين القدماء، وتناقلها المؤرخون في العصر الحديث.
ومن العجيب أن السمهودي يذكر الخبر على أنه حقيقة واقعة ولا يستبعد حصوله ولا يحيطه بقليل من الشك،…