كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

82…
2 - وجود قصة زرقاء اليمامة، مع التشابه بين القصتين، يدل على أن القصة رمزية، فيها الكثير من الخرافة.
والحكم النهائي على قصة الفطيون، انها قصة يمتزج فيها الواقع بالخيال، والحقيقة بالخرافة، بل إن أكثر أحادثها موضوعة، ولا يعتد بها في التاريخ؛ لأنه لا يمكن الجمع بين رواياتها المختلفة، ولا يقرها عقل، ولا تتفق مع طبائع العرب.
قال الأستاذ محمد عزة دروزة ـ رحمه الله ـ: ((ولقد روى الرواة العرب خبر غزو أبي جبلة ملك غسان، أو تبع الأصغر، ملك حمير، ليثرب و تنكيله باليهود تنكيلاً شديداً ذلوا من بعده، في سياق عجيب مفاده (القصة) .. والخبر عجيب منكر، وقد وصفه بعض الباحثين بالخرافي، ونحن نرجح ذلك أيضاً)).
ثم قال: ولكننا لا نرى ما يمنع أن يكون بعض زعماء الأوس أو الخزرج قد ذهب إلى أحد ملكي العرب فحرضه على اليهود لمناسبة من المناسبات ... ولكننا لانعرف إن كان قد لبى أحدهم النداء، وكان ما قالوا من قهر اليهود.
وقد كثر الحديث في الكتب التاريخية، عن ((تبع)) من التبابعة جاء إلى يثرب أو مر بها، ولكننا لم نعرف بالتحديد السبب الذي جعله يعرج على يثرب .. لأن أخبار التبابعة مضطربة، وكان موضوعاً خصباً لأهل القصة فامتزجت بالخيال والأسطورة، ولذلك قال ابن حزم في الجمهرة (ص 439): ((وفي أنسابهم (التبابعة) اختلاف وتخليط، وتقديم وتأخير ونقصان وزيادة، ولا ولا يصح من كتب أخبار التبابعة وأنسابهم إلا طرف يسير، لاضطراب رواتهم وبعد العهد)).
وكل ما تحقق لدينا من أخبارهم أن القرآن ذكر قوم ((تبع)) في سورة الدخان في قوله تعالى: (أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين) [37].
قال الزمخشري: ((تبع: هو تبع الحميري كان مؤمناً وقومه كافرين ولذلك…

الصفحة 82