كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

87…ويذكر أسماء قبائل العربية، ولم يقل أنـ÷م يهود أو تهودوا، وإنما يقول أنهم كانوا موجودين بصفتهم العربية قبل قدوم الأوس والخزرج .. ومع هذا فإن ابن زبالة مشهور بالكذب والاختلاق .. ثم إن كتاب ((وفاء الوفا)) بصورته المطبوعة لا يصح الاعتماد عليه دون تحقيق النصوص المنقولة عنه، لأنه كثير التحريف ولذلك فهو ينقل عن السمهودي اسم قبيلة ((بنو مريد)) من بلي، وإنما هم بنو المجذر بن زياد، ويسمي بني ((بهدل)) وهم بنو ((هدل)) بدون باء.
ويبني أكرم العمري كتابه على وثيقة نقلها ابن هشام عن ابن إسحق، بدون اسناد يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم كتبها في بدء الهجرة، ويسميها: دستور المدينة، أو المعاهدة، بين المهاجرين من جهة، والأنصار من جهة، والمسلمين من جهة، واليهود من جهة أخرى .. وتذكر الوثيقة اليهود بعامة ثم تضيف ((يهود)) إلى بني عوف وبني النجار وبني الحارث .. إلخ من قبائل الأوس والخزرج، ويرى المؤلف أن هذه الإضافة تعني أن هؤلاء عرب متهودون.
ومع أن الوثيقة ليس لها سند ثابت، فإن الإضافة لاتعني أن المضاف من العرب المتهودين، وإنما تعني الحلف فقط فعندما ذكر ((يهود بني عوف)) أراد اليهود المحالفين لآل عوف.
وقد نعود إلى الوثيقة عند الحديث عن صدر الإسلام.
الخلاصة: أن اليهود الذين كانوا في المدينة، كانوا غرباء عنها، ولايصح وجود عرب تهودوا إلا أفراد قلائل، قد يعدون على أصابع اليدين، ودليلنا على ذلك من القرآن والسنة، والسيرة، وكتب الأنساب: أولاً: من كتب الأنساب، في كتاب ابن حزم ((الجمهرة)) باب في ديانات العرب ذكر القبائل العربية المنتصرة، وقال: ((وكانت حمير يهوداً وكثيرة من كندة)) فلم يذكر قبائل المدينة، التي يزعمون أنها من العرب المتهودة.
وأما حمير وكندة، فالذي يظهر أن اليهودية فيها أيام تبع، وقد انتهوا بمجيء الحبشة إلى اليمن، كما سيأتي.
ولو كانت النضير، وقريظة، و قينقاع، من العرب، لذكرت أنسابها في قبائل العرب، ولكن ابن حزم لم يذكر لهم نسباً في العرب.

الصفحة 87