كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
90…ويؤيد ذلك أيضاً ما رواه ابن سعد 91/ 2 في الطبقات، في ذكر سرية عبد الله بن عتيك، إلى أبي رافع سلام بن أبي الحقيق النضري، بخيبر .. حيث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله؛ لأنه حرض العرب على محاربة المسلمين، بعد رحيله مع قومه إلى خيبر .. قال ابن سعد: ((فقدموا عبد الله بن عتيك لأنه كان يرطن باليهودية، فاستفتح وقال: جئت أبا رافع بهدية، ففتحت له امرأته .. )).
والخبر يفيد أمرين: الأول: أن اليهود في خيبر كانوا يتخاطبون باليهودية، والثاني: أن لغة بني النضير الذين منهم الزعيم اليهودي والذين كانوا يقطنون المدينة، هي أيضاً لغة يهودية.
ويستلهم هذا أيضاً من بعض الآيات القرآنية، لقوله تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه، واتقوا لعلكم ترحمون * أن تقولوا إنما انزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين * أو تقولوا لو أنا انزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم، فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة، فمن أظلم ممن كذب بآيات الله، وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون) [الانعام 155 ـ 157].
والمخاطب في الآيات العرب، بسبيل التنبيه إلى أن الله أنزل الكتاب على النبي محمد صلى الله عليه وسلم لئلا يقولوا: إن الكتب الآلهية السابقة أنزلت بغير لغتهم وأنه أنزل عليهم كتاب بلغتهم لكانوا أهدى من الأمم التي جاءتهم تلك الكتب.
وهي بهذا الشرح تنطوي على دلالة أن الكتب التي كان يتداولها اليهود هي غير عربية اللغة.
رابعاً: لقد أجلى النبي صلى الله عليه وسلم اليهود عن المدينة والقرى الأخرى، فلم يكن لجلائهم أي أثر .. حيث يدل كل هذا دلالة حاسمة على أن الكتلة اليهودية في الحجاز كانت من بني اسرائيل، وكانت طارئة على الحجاز .. ولو كانت هناك كتل عربية متهودة لظهر أثر ذلك في القبائل الاخرى المسلمة، لوجود النسب، والحلف بين القبائل العربية .. بل نقول: لو كانت لليهود كثرة وغلبة وانتشار وتأثير في المجتمع اليثربي، لانتشرت لغة يهود بين العرب، لأن الامة القوية…