كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

95…
1 ـ المدينة قبيل الهجرة النبوية
(أ) اختيار دار الهجرة:
اختيار المدينة دار هجرة، أمر من الله تعالى وليس من اختيار البشر، لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ((رأيت في المنام إني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب)) [الفتح 226/ 7].
وقال عليه الصلاة والسلام: ((إني أُريت دار هجرتكم، ذات نخل بين لابتين)) .. قال ابن حجر: والرؤية الثانية غير الرؤية الأولى التي تردد فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن التين: كأن النبي صلى الله عليه وسلم أُري دار الهجرة بصفة تجمع المدينة وغيرها، ثم أُري الصفة المختصة بالمدينة، فتعينت.
ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها بعد روايتها قول الرسول عليه السلام: فهاجر من هاجر قبل المدينة، ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة .. وبناءً على ذلك يبطل القول بأن اختيار المدينة كان لأهداف عسكرية أو اقتصادية أو جغرافية قد تكون آنية النفع، قابلة للتغيير.
والصحيح أن تقول أولاً: إن الله اختار المدينة مهاجراً، ثم نبحث عن الحكمة في هذا الاختيار، وقد تظهر لنا الحكمة، وربما لا تظهر، وقد يبدو لنا بعضها، ويختفي عنا الكثير.
وقد وقع بعض المؤلفين في خطأ فادح عندما درسوا اختيار المدينة دار…

الصفحة 95