كتاب مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن ط الراية (اسم الجزء: 1)
وَكَانَ لَهُ بَابَانِ مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ، بَابٌ شَرْقِيٌّ وَبَابٌ غَرْبِيٌّ، وَفِيهِ قَنَادِيلُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَالْبَيْتُ الْمَعْمُورِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، لا يَعُودُونَ فِيهِ إلا يَوْمِ الْقِيَامَةِ حِذَاءَ الْكَعْبَةِ الْحَرَامِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَهْبَطَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى مَوْضِعِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ مِثْلُ الْفُلْكِ مِنْ شِدَّةِ رَعْدَتِهِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهُ الْحَجَرَ الأَسْوَدَ وَهُوَ يَتَلأْلأُ كَأَنَّهُ لُؤْلُؤَةٌ بَيْضَاءُ، فَأَخَذَهُ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ اسْتِئْنَاسًا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بَنِي آدَمَ مِيثَاقَهُمْ فَجَعَلَهُ فِي الْحَجَرِ، ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَى آدَمَ الْعَصَا، ثم قال: يا آدم! تخطأ فَتَخَطَّا، فَإِذَا هُوَ بِأَرْضِ الْهِنْدِ، فَمَكَثَ هُنَالِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَوْحَشَ إِلَى الْبَيْتِ.
فَقِيلَ لَهُ: احْجُجْ يَا آدَمُ، فَأَقْبَلَ يَتَخَطَّى، فصار مَوْضِعِ كُلِّ قَدَمٍ قَرْيَةً، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ مفازة حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَلَقِيَتْهُ الْمَلائِكَةُ، فَقَالُوا: بِرَّ حَجَّكَ يَا آدَمُ، لَقَدْ حَجَجْنَا هَذَا الْبَيْتَ قَبْلَكَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، قَالَ: فَمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ حَوْلَهُ؟
قَالُوا: كُنَّا نَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لله والله أكبر، وكان آدَمُ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ قَالَ هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ، فَكَانَ آدَمُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَسَابِيعَ بِاللَّيْلِ، وَخَمْسَةَ أَسَابِيعَ بِالنَّهَارِ، فَقَالَ آدَمُ: يَا رَبِّ! اجْعَلْ لِهَذَا الْبَيْتِ عُمَّارًا يَعْمُرُونَهُ مِنْ ذُرِّيَّتِي، فأوحى الله تعالى إليه أن معمره نبياً مِنْ ذُرِّيَّتِكَ اسْمُهُ
الصفحة 351