كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 1)

(فَرْعٌ)
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ اللِّحْيَةِ الْخَفِيفَةِ وَالْبَشَرَةِ تَحْتَهَا وَبِهِ قَالَ مالك وأحمد وداود
* قال أَصْحَابِنَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا كَدَاخِلِ الْفَمِ وَكَمَا
سَوَّيْنَا بَيْنَ الْخَفِيفِ وَالْكَثِيفِ فِي الْجَنَابَةِ وَأَوْجَبْنَا غَسْلَ مَا تَحْتَهُمَا فَكَذَا نُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الْوُضُوءِ فَلَا نُوجِبُهُ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِ اللَّهِ تعالى (فاغسلوا وجوهكم) وَهَذِهِ الْبَشَرَةُ مِنْ الْوَجْهِ وَيَقَعُ بِهَا الْمُوَاجَهَةُ وَلِأَنَّهُ مَوْضِعٌ ظَاهِرٌ مِنْ الْوَجْهِ فَأَشْبَهَ الْخَدَّ وَيُخَالِفُ الْكَثِيفَ فَإِنَّهُ يَشُقُّ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ بِخِلَافِ هَذَا، وَالْجَوَابُ عَنْ دَاخِلِ الْفَمِ أَنَّهُ يَحُولُ دُونَهُ حَائِلٌ أَصْلِيٌّ فَأَسْقَطَ فَرْضَ الْوُضُوءِ وَاللِّحْيَةُ طَارِئَةٌ وَالطَّارِئُ إذَا لَمْ يَسْتُرْ الْجَمِيعَ لَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ كَالْخُفِّ الْمُخَرَّقِ: وَالْجَوَابُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْمَشَقَّةُ وَعَدَمُهَا فَلَمَّا كَانَتْ الْجَنَابَة قَلِيلَةً أَوْجَبْنَا مَا تَحْتَ الشُّعُورِ كُلِّهَا بِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فَكَذَا مَا تَحْتَ الْخَفِيفِ فِي الْوُضُوءِ بِخِلَافِ الْكَثِيفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ التَّخْلِيلَ سُنَّةٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْجُمْهُورُ كَيْفِيَّتَهُ وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ يُخَلِّلُهَا بِأَصَابِعِهِ مِنْ أَسْفَلِهَا قَالَ وَلَوْ أَخَذَ لِلتَّخْلِيلِ مَاءً آخَرَ كَانَ أَحْسَنَ وَيَسْتَدِلُّ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَيْفِيَّةِ بِحَدِيثِ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم كَانَ إذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّلَ بِهَا لِحْيَتَهُ وَقَالَ هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلَمْ يُضَعِّفْهُ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ أَوْ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ * قال المصنف رحمه الله
* (وَلَا يَجِبُ غَسْلُ مَا تَحْتَ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ فِي الْوُضُوءِ إلَّا فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ الْحَاجِبِ وَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَالْعِذَارِ وَاللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ لِلْمَرْأَةِ لِأَنَّ الشَّعْرَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يَخِفُّ فِي الْعَادَةِ وَإِنْ كَثُفَ لَمْ يَكُنْ إلَّا نَادِرًا فَلَمْ يكن له حكم)
* (الشَّرْحُ) قَالَ أَصْحَابُنَا ثَمَانِيَةٌ مِنْ شُعُورِ الْوَجْهِ يَجِبُ غَسْلُهَا وَغَسْلُ الْبَشَرَةِ تَحْتَهَا سَوَاءٌ خَفَّتْ أَوْ كَثُفَتْ وَهِيَ الْحَاجِبُ وَالشَّارِبُ وَالْعَنْفَقَةُ وَالْعِذَارُ وَلِحْيَةُ الْمَرْأَةِ وَلِحْيَةُ الْخُنْثَى وَأَهْدَابُ الْعَيْنِ وَشَعْرُ الْخَدِّ: فَأَمَّا الْخَمْسَةُ الْأُولَى فَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَأَمَّا الْأَهْدَابُ فَنَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْفُورَانِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَخَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ: وأما شعر

الصفحة 376