كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 1)

(وَإِنْ اسْتَرْسَلَتْ اللِّحْيَةُ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا تَجِبُ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ شَعْرٌ لَا يُلَاقِي مَحَلَّ الْفَرْضِ يَكُنْ مَحَلًّا لِلْفَرْضِ كَالذُّؤَابَةِ: وَالثَّانِي يَجِبُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا غَطَّى لِحْيَتَهُ فَقَالَ اكْشِفْ لِحْيَتَكَ فانها من الوجه ولانه شعر ظاهر نابت على بشرة الوجه فاشبه شعر الخد)
*
(الشَّرْحُ) هَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ وُجِدَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي بَعْضِهَا وَكَذَا لَمْ يقع في نسخة قيل انها مقرؤة عَلَى الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْحَازِمِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ قَالَ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا شئ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ شَعْرٌ ظَاهِرٌ احْتِرَازٌ مِنْ بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ: وَقَوْلُهُ عَلَى بَشَرَةِ الْوَجْهِ احْتِرَازٌ مِنْ النَّاصِيَةِ وَقَوْلُهُ اسْتَرْسَلَتْ اللِّحْيَةُ أَيْ امْتَدَّتْ وَانْبَسَطَتْ وَالذُّؤَابَةُ بِضَمِّ الذَّالِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ
* أَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا إذَا خَرَجَتْ اللِّحْيَةُ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ طُولًا أَوْ عَرْضًا أَوْ خَرَجَ شَعْرُ الْعِذَارِ أَوْ الْعَارِضِ أَوْ السِّبَالِ فَهَلْ يَجِبُ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَى الْخَارِجِ فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ نَقَلَ الْمُزَنِيّ فِي الْمُخْتَصَرِ فِيهَا قَوْلَيْنِ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ الْوُجُوبُ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَاتٌ من اصحاب المختصرات والثاني لَا يَجِبُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ وَالْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِي الْخَارِجِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ طُولًا أَوْ عَرْضًا كما ذكرناه صرح به أبو على البند نيجي فِي كِتَابِهِ الْجَامِعِ وَآخَرُونَ: ثُمَّ إنَّ عِبَارَةَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ يَقُولُونَ هَلْ يَجِبُ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَى الْخَارِجِ فِيهِ قَوْلَانِ: وَعِبَارَةُ صَاحِبِ الشَّامِلِ وَقَلِيلِينَ هَلْ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْخَارِجِ فِيهِ قَوْلَانِ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَفْظُ الْإِفَاضَةِ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَقَدِّمِينَ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الشَّعْرِ كَانَ لِإِمْرَارِ الْمَاءِ عَلَى الظَّاهِرِ وَلَفْظُ الْغَسْلِ لِلْإِمْرَارِ عَلَى الظَّاهِرِ مَعَ الْإِدْخَالِ فِي الْبَاطِنِ وَلِهَذَا اعْتَرَضُوا عَلَى الزُّبَيْرِيِّ حِينَ قَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَجِبُ الْغَسْلُ فِي قَوْلٍ وَالْإِفَاضَةُ فِي قَوْلٍ وَقَالُوا الْغَسْلُ غَيْرُ وَاجِبٍ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنَّمَا الْقَوْلَانِ فِي الْإِفَاضَةِ وَمَقْصُودُ الْأَئِمَّةِ بِلَفْظِ الْإِفَاضَةِ أَنَّ دَاخِلَ الْمُسْتَرْسِلِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا
*

الصفحة 379