كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 1)

وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا بِأَنَّ هَذَا نَادِرٌ فَلَا يَسْقُطُ مَا تَحْتَهُ كَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ الْتَصَقَتْ جِلْدَةُ الْعَضُدِ بِالسَّاعِدِ وَاسْتَتَرَ مَا تَحْتَهَا مِنْ السَّاعِدِ فَغَسَلَهَا ثُمَّ زَالَتْ الْجِلْدَةُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْ تَحْتِهَا لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى ظَاهِرِهَا كَانَ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَسَلَ لحيته ثم حلفت لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَا كَانَ تَحْتَهَا لِأَنَّ غَسْلَ بَاطِنِهَا كَانَ مُمْكِنًا وَإِنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ غسل الظاهر وقد فعله والله أعلم * قال المصنف رحمه الله
* (وَإِنْ كَانَ أَقْطَعَ الْيَدِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ محل الفرض شئ فَلَا فَرْضَ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُمِسَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْيَدِ مَاءً حَتَّى لَا يَخْلُوَ العضو من الطهارة)
* (الشَّرْحُ) قَوْلُهُ يُمِسُّ هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَقَوْلُهُ لَا فَرْضَ عَلَيْهِ هَذَا مُتَّفِقٌ عَلَيْهِ وَكَذَا اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ إمْسَاسِهِ الْمَاءَ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ فِي كِتَابِهِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ نَحْوَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ هَذَا الِاسْتِحْبَابُ ثَابِتٌ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ قُطِعَتْ فَوْقَ مَحَلِّ الْفَرْضِ حَتَّى لَوْ قُطِعَتْ مِنْ الْمَنْكِبِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُمِسَّ مَوْضِعَ الْقَطْعِ مَاءً بِلَا خِلَافٍ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأُمِّ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَآخَرُونَ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَعْلِيلِ أَصْلِ هَذَا الْإِمْسَاسِ فقال جماعة حتى لا يخلوا العضو مِنْ طَهَارَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ إطَالَةً لِلْغُرَّةِ أَيْ التَّحْجِيلُ وَقَالَ
الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ علي استحبابه فقال أبو إسحق المروزي لئلا يخلو العضو من طهارة وقال الاكثرون استحبه لانه موضع الحلية والتجليل
* وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يُمِسُّ مَا بَقِيَ مَاءً فَكَذَا عِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ وَالْمُرَادُ بِالْإِمْسَاسِ غَسْلُ بَاقِي الْيَدِ هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَجِيزِ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ فَإِنْ قِيلَ إنَّمَا كَانَ غَسْلُ مَا فَوْقَ الْمِرْفَقِ مُسْتَحَبًّا تَبَعًا لِلذِّرَاعِ وَقَدْ زَالَ الْمَتْبُوعُ فَيَنْبَغِي أَلَّا يُشْرَعَ التَّابِعُ كَمَنْ فَاتَهُ صَلَوَاتٌ فِي زَمَنِ الْجُنُونِ وَالْحَيْضِ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي

الصفحة 391