كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 1)

غَيْرَهُ هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِهِ: فَالْجَوَابُ ان كان في غيره بَلَدِهِ مُفْتٍ يَجِدُ السَّبِيلَ إلَيْهِ وَجَبَ التَّوَصُّلُ إليه بحسب امكانه فان تعذر ذكر مسألة لِلْقَاصِرِ فَإِنْ وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا فِي كِتَابٍ مَوْثُوقٍ بِصِحَّتِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ نَقَلَ لَهُ حكمها بِنَصِّهِ وَكَانَ الْعَامِّيُّ فِيهَا مُقَلِّدًا صَاحِبَ الْمَذْهَبِ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو وَهَذَا وَجَدْتُهُ فِي ضِمْنِ كَلَامِ بَعْضِهِمْ وَالدَّلِيلُ يُعَضِّدُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا مَسْطُورَةً بِعَيْنِهَا لَمْ يَقِسْهَا عَلَى مَسْطُورٍ عِنْدَهُ وَإِنْ اعْتَقَدَهُ مِنْ قِيَاسٍ لَا فَارِقٍ فَإِنَّهُ قَدْ يَتَوَهَّمُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ: فَإِنْ قِيلَ هَلْ لِمُقَلِّدٍ أَنْ يُفْتِيَ بِمَا هُوَ مُقَلِّدٌ فِيهِ قُلْنَا قَطَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ وَأَبُو الْمَحَاسِنِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِتَحْرِيمِهِ: وَقَالَ الْقَفَّالُ الْمَرْوَزِيُّ يَجُوزُ: قَالَ أبو عمر وقول مَنْ مَنَعَهُ مَعْنَاهُ لَا يَذْكُرُهُ عَلَى صُورَةِ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ بَلْ يُضِيفُهُ إلَى إمَامِهِ الَّذِي قَلَّدَهُ فَعَلَى هَذَا مَنْ عَدَّدْنَاهُ مِنْ الْمُفْتِينَ الْمُقَلِّدِينَ لَيْسُوا مُفْتِينَ حَقِيقَةً لَكِنْ لَمَّا قَامُوا مَقَامَهُمْ وَأَدُّوا عَنْهُمْ عُدُّوا مَعَهُمْ: وَسَبِيلُهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَثَلًا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ كَذَا أَوْ نَحْوَ هَذَا وَمَنْ تَرَكَ مِنْهُمْ الْإِضَافَةَ فَهُوَ اكْتِفَاءٌ بِالْمَعْلُومِ مِنْ الْحَالِ عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ: وَذَكَرَ صَاحِبُ الْحَاوِي فِي الْعَامِّيِّ إذَا عَرَفَ حُكْمَ حَادِثَةٍ بِنَاءً عَلَى دَلِيلِهَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا يَجُوزُ أَنْ يُفْتِيَ بِهِ وَيَجُوزُ تَقْلِيدُهُ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَى عِلْمِهِ كَوُصُولِ الْعَالِمِ: وَالثَّانِي يَجُوزُ إنْ كَانَ دَلِيلُهَا كِتَابًا أَوْ سُنَّةً وَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ غَيْرَهُمَا: وَالثَّالِثُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمُفْتِينَ
فِيهِ مَسَائِلُ إحْدَاهَا الْإِفْتَاءُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَإِذَا اُسْتُفْتِيَ وَلَيْسَ فِي النَّاحِيَةِ غَيْرُهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجَوَابُ فَإِنْ كَانَ فِيهَا غَيْرُهُ وَحَضَرَا فَالْجَوَابُ فِي حَقِّهِمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَتَعَيَّنُ لِمَا سَبَقَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالثَّانِي يَتَعَيَّنُ وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِي مِثْلِهِ فِي الشَّهَادَةِ: وَلَوْ سَأَلَ عَامِّيٌّ عَمَّا لَمْ يَقَعْ لَمْ يَجِبْ جوابه
* (الثانية) إذا أفتى بشئ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ فَإِنْ عَلِمَ الْمُسْتَفْتِي بِرُجُوعِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَمِلَ بِالْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ الْعَمَلُ بِهِ وَكَذَا إنْ نَكَحَ بِفَتْوَاهُ وَاسْتَمَرَّ عَلَى نِكَاحٍ بِفَتْوَاهُ ثُمَّ رَجَعَ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهَا كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ مَنْ قَلَّدَهُ فِي الْقِبْلَةِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ وَإِنْ كَانَ عَمِلَ قَبْلَ رُجُوعِهِ فَإِنْ خَالَفَ دَلِيلًا قَاطِعًا لَزِمَ الْمُسْتَفْتِيَ نَقْضُ عَمَلِهِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي مَحِلِّ اجْتِهَادٍ لَمْ يَلْزَمْهُ نَقْضُهُ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ ذَكَرَهُ الصَّيْمَرِيُّ وَالْخَطِيبُ وَأَبُو عَمْرٍو وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ وَلَا أَعْلَمُ خِلَافَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرَّازِيُّ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِخِلَافِهِ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو وَإِذَا كَانَ يُفْتِي عَلَى مَذْهَبِ إمَامٍ فَرَجَعَ لِكَوْنِهِ بَانَ لَهُ قَطْعًا مُخَالَفَةُ نَصِّ مَذْهَبِ إمَامِهِ وَجَبَ نَقْضُهُ وَإِنْ كَانَ فِي مَحِلِّ الِاجْتِهَادِ لِأَنَّ نَصَّ مَذْهَبِ إمَامِهِ فِي حَقِّهِ كَنَصِّ الشَّارِعِ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَقِلِّ: أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَفْتِي بِرُجُوعِ الْمُفْتِي فَحَالُ الْمُسْتَفْتِي فِي عِلْمِهِ كَمَا قَبْلَ الرُّجُوعِ وَيَلْزَمُ الْمُفْتِيَ إعْلَامُهُ قَبْلَ العمل وكذا بعده حيث يجب النقض: إذا عَمِلَ بِفَتْوَاهُ فِي إتْلَافٍ فَبَانَ خَطَؤُهُ وَأَنَّهُ خَالَفَ الْقَاطِعَ فَعَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ يَضْمَنُ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلْفَتْوَى وَلَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِأَنَّ الْمُسْتَفْتِيَ قَصَّرَ كذا حكاه الشيخ

الصفحة 45