كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 1)

أو سجده لِتِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ أَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي مصحف اُسْتُحِبَّ وَإِلَّا فَلَا وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ الْفُرُوقِ: وَالْخَامِسُ يُسْتَحَبُّ التَّجْدِيدُ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ بِالْوُضُوءِ الْأَوَّلِ شَيْئًا أَصْلًا حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ قَالَ وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالتَّجْدِيدِ زَمَنٌ يَقَعُ بِمِثْلِهِ تَفْرِيقٌ فَأَمَّا إذَا وَصَلَهُ بِالْوُضُوءِ فَهُوَ فِي حُكْمِ غَسْلَةٍ رَابِعَةٍ وَهَذَا الْوَجْهُ غَرِيبٌ جِدًّا وَقَدْ قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ شَرْحِ الْفُرُوعِ وَالْبَغَوِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَآخَرُونَ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّجْدِيدُ إذَا لَمْ يؤد بالاول كِتَابِهِ شَرْحِ الْفُرُوعِ وَالْبَغَوِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَآخَرُونَ بأنه يُكْرَهُ التَّجْدِيدُ قَالَا وَلَوْ سَجَدَ لِتِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ لَمْ يُسْتَحَبَّ التَّجْدِيدُ وَلَا يُكْرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: أَمَّا الْغُسْلُ فَلَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ: أَمَّا التَّيَمُّمُ
فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهُ وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ يُسْتَحَبُّ وَصُورَتُهُ فِي الْجَرِيحِ وَالْمَرِيضِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَيُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِهِمَا إذَا لَمْ نُوجِبْ الطَّلَبَ ثَانِيًا إذَا بَقِيَ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةً فِي التَّيَمُّمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ قُلْنَا بِتَجْدِيدِ التَّيَمُّمِ فَيُتَصَوَّرُ لِلنَّافِلَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ وَكَذَا لِلْفَرِيضَةِ بَعْدَ النَّافِلَةِ إذَا قَدَّمَ النَّافِلَةَ
* وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ لِأَصْلِ اسْتِحْبَابِ التَّجْدِيدِ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَمِمَّنْ ضَعَّفَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ
* وَاحْتَجَّ الْبَيْهَقِيُّ بِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَكَانَ أَحَدُنَا يَكْفِيهِ الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ لَكِنْ لَا دَلَالَةَ فِيهِ لِلتَّجْدِيدِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ عَنْ حَدَثٍ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ مقاوم لاحتمال التجديد فلا ترجح التجديد الا بمرجح آخر (الرابعة عشرة) إذَا تَوَضَّأَ الصَّحِيحُ وَهُوَ غَيْرُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهَا مِمَّنْ بِهِ حَدَثٌ دَائِمٌ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْوُضُوءِ الْوَاحِدِ مَا شَاءَ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ مَا لَمْ يُحْدِثْ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَحَكَى أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ بن بطال ى شرح صحيح البخازي عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يَجِبُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا وَحَكَى الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدِ ابن حزم الظاهرى في كتابه كتاب
__________
(1) قول أنس وكان احدنا يكفيه فيه اشارة إلى التجديد وهنا يرجح احتمال التجديد فهو ارجح اه أذرعي

الصفحة 470