كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 1)

المنقول بإسناد ضعيف، ولا بتفسير من ليس بثقة منهم وإن صح إسناده إليه، وبهذا تعرف أنه لا بد من الجمع بين الأمرين والتحلي بالوصفين، وعدم الاقتصار على مسلك أحد الفريقين، وهذا هو المقصد الذي أردته والمسلك الذي قصدته.
وأذكر الحديث معزواً إلى راويه من غير بيان حال الإسناد، لأني آخذه من الأصول التي نقلت عنها كذلك كما يقع في تفسير ابن جرير والقرطبي وابن كثير والسيوطي، ويبعد كل البعد أن يعلموا في الحديث ضعفاً ولا يبينوه، ولا ينبغي أن يقال فيما أطلقوه أنهم قد علموا ثبوته، فإن من الجائز أن ينقلوه من دون كشف عن حال الإسناد، بل هذا هو الذي يغلب به الظن لأنهم لو كشفوا عنه فثبتت عندهم صحته لم يتركوا بيان ذلك كما يقع منهم كثيراً التصريح بالصحة والحسن، فمن وجد الأصول التي يروون عنها ويعزون ما في تفاسيرهم إليها فلينظر في أسانيدها موفقاً إن شاء الله تعالى.
واعلم أن تفسير السيوطي المسمى بالدر المنثور، قد اشتمل على غالب ما في تفسيرات السلف من التفاسير المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتفاسير الصحابة ومن بعدهم، وما فاته إلا القليل النادر، وقد اشتمل هذا التفسير مني على جميع ما تدعو إليه الحاجة مما يتعلق بالتفسير مع اختصار لما تكرر لفظاً واتحد معنى بقولي ومثله أو ونحوه، وضممت إلى ذلك فوائد لم يشتمل عليها زبر أهل الرواية، ووجدتها في غيرها من تفاسير علماء الدراية، وعوائد لاحت لي من تصحيح أو تحسين أو تضعيف أو تعقب أو جمع أو ترجيح، مع تحرير للمقاصد بحسب ما يراد ولا يذاد، وتقرير للمعاقد بحيث لا يضاد ولا يصاد، ولم آل جهداً في حسن تحريره وتهذيبه وسعياً في لطافة مزجه بالمفسر وترتيبه بألفاظ تنفتح لها الآذان وتنشرح بها الصدور، ومعان تتهلل بها وجوه الأوراق وتتبسم ثغور السطور، رغبة إلى الدخول من أبوابه والكون من أحزابه، ونشاطاً إلى القعود في محرابه، وبذلاً للقوة في إيراد مباحث قلت عناية المتأخرين بها من المفسرين، وقد بالغ في الاعتناء بها المحققون من المتقدمين، لا سيما السمعيات التي هي المطلب الأعلى، والمقصد الأقصى في

الصفحة 22