كتاب الكاشف (اسم الجزء: 1)

وقبل النقلة إلى دراسة منهج الكتاب، أرى من الماسب أن أعرض لامر اختلفت فيه عبارات من ذكر " الكاشف "، وهو: هل " الكاشف " مختصر من " تهذيب الكمال " مباشرة، أو من " تذهيب تذهيب الكمال ".
قال المصنف رحمه الله في عنوان الكتاب: " كتاب الكاشف ي معرفة م له رواية في الكتب الستة.
اقتضبه محمد بن أحمد بن عثمان ابن الذهبي من تهذيب الكمال ".
ثم قال في مقدمته: " هذا مختصر نافع ... متضب من تهذيب الكمال ".
ومن هنا قال الحافظ في مقدمة " تهذيبه " 1: 3 وهو يثني على " تهذيب الكمال ": " هو الذي الذي وفق بين اسم الكتاب ومسماه ... ، ولكن قصت الهمم عن تحصيله لطوله، فاقتصر بعض الناس على الكشف من " الكاشف " الذي اختصره منه الحافظ أبو عبد الله الذهبي ".
أما غيره من العلماء فكلامهم متجه إلى أن " الكاشف " مختصر من " تذهيب التهذيب ".
قال ذلك الصلاح الصفدي في " الوافي " 2: 164 - على احتمال فيه - والتاج السبكي في " طبقاته الكبرى " 9: 104، وابن العماد في " شذرات الذهب " 6: 155، والبرهان سبط ابن العجمي في مقدمة " نهاية السول، ولفظه المقصود منه: " كتاب التذهيب للحافظ أبي عبد الله الذهبي ... ، وكتاب " الكاشف " مختصره ... ".
ومنهم السيوطي - رحمهم الله جميعا - في " ذيل تذكرة الفاظ " ص 348 قال وهو يعدد مصنفات الذهبي: " ومختصر " تهذيب الكمال " و " الكاشف " مختصر ذلك ".
فهؤلاء خمسة من العلماء السابقين يقولون: إن " الكاشف " مختصر من " التذهيب ".
والامر أبسط من أن يحتاج إلى عرض المشكلة ثم حلها، فهو أيسر من ذلك، غاية ما في الامر أن
المصنف قال: إنه مقتضب من " تهذيب الكمال " باعتبار الاصل الاول، ومن قال: إنه مقتضب من " تذهيبه " فقد لا حظ الواقع والتسلسل الصنيفي، فكتاب المزي أصل الكتابين، وهما مختصارن منه، " الكاشف " جاء اختصارا ثانيا بعد " التذهيب " فهو فرع عنه.
وقد لا حظت في أكثر من موضع أن الوهم يحصل للمصنففي الكتابين معا، فكنتأعلق على هذه الظاهرة بان المصنف استخرج " الكاشف " واستخلصه من " التذهيب "
1) .
وقد جزم الدكتور بشار عواد في كتابه عن " الذهبي " ص 228، ومقدمة " تهذيب الكمال " ص 54 بان " الكاشف " مختصر من كتاب المزي، ووهم من قال خلاف ذلك، محتجا بقول الذهبي الذي قدمته، وب " أن " الكاشف " اقتصر على رجال الستة، في حين كان " التذهيب " كاصله، قد شمل رجال الكتب الستة وغيرها من التواليف ".
قلت: أما احتجاجه بتصريح الذهبي: فلا خلاف فيه، وأما احتجاجه بان " الكاشف " اقتصر على رجال الست،، وأن " التذهيب " فيه زيادة، وبناء على هذا فلا يصح أن يكون الكاشف " مختصرا من " التذهيب ": فكلام غريب! إذا كان هذا الفارق بين الكتابين سببا لا ستبعاد اختصار الاول من الثاني، فينبغي أن يستبعد أكثر وأكثر اختصار " الكاشف " من " تهذيب الكمال " والله أعلم.

الصفحة 12