كتاب الكاشف (اسم الجزء: 1)

قولهم: صدوق إن شاء الله، حيث إن كليهما ليس فيه جزم ببلوغ الراوي مرتبة الصدوق، لان معنى
محله الصدق) : أنه مظنة الصدق.
وإذا كنا نحسن حديث الصدوق، فمن يقال فيه
محله الصدق) : نتوقف في تحسينه.
قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 2: 133 آخر ترجمة إبراهيم بن مهاجر البجلي: " سمعت أبي يقول: إبراهيم بن مهاجر ليسبقوي، هو وحصين بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب قريب بعضهم من بعض، محلهم عندنا محل الصدق، ويكتب حديثهم ولا يحتج بحديثهم، قلت لابي: ما معنى لا يحتج بحديثهم؟ قال: كانوا قوما لا يحفظون، فيحدثون بما لا يحفظون، فيغلطون، ترى في أحاديثم اضطرابا ما شئت ".
أي: كثيرا.
فبان بهذا أن " محله الصدق " وصف للرجل سيئ الحفظ، وأن الاضطراب الواقع في روايته: عن غير قصد وسوء نية، فهو مدفوع عن الضبط لا عن مطلق الصدق، قال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى في " التدريب " ص 232: " إن " صدوقا " مبالغة في الصدق، بخلاف " محله الصدق "، فانه دال على أن صاحبها محله ومرتبت مطلق الصدق ".
وبان بهذا أيضا أن " محله الصدق " و " ليس بقوي " و " يكتب حديثه ولا يحتج به " كلها بمرتبة واحدة سواء عند الامام أبي حاتم، وأرى أنها لا تختلف عند غير أيضا، على أن هذه الالفاظ لا تكثر إلا في كلام أبي حاتم، سوى " ليس بقوي " فانها تكثر ف كلامهم جميعا.
13 - وفي الكتاب ألفاظ متقاربة، ويلحق بها ألفاظ أيضا تقرب منها من حيث المدلول وهي من زمرتها
اللظة، فانا أجمعها إلى بعضها وأشير إلى مراتبها.
1 " - لا بأس به.
2 " - ليس به باس.
3 " - ما أرى به باسا.
4 " - لا أعلم به باسا.
5 " - أرجوا أنه لا باس به.
6 " - ليس بحديثه باس.
هذا ترتيبها فيما أرى.
والله أعلم.
أما اللفظة الاولى والثانية: فمن مرتبة واحدة تماما.
والثالثة والرابعة دونهما، إذ في الاوليين جزم، وإشارة إلى أنه حكم عام، منه ومن غيره، أما هاتان ففيهما الخلو عن هذين الملحظين.
و" ما أرى " بمعنى " لا أعلم ".
وأما الخامسة: فواضح أن نفي الباس عنه من باب الرجاء، و " لا يلزم من عدم العلم حصول الرجاء "
1) .
وأما السادسة: فاخرتها لاننفي الباس عن حديثه لا عنه ذاته، وقد يكون مراد قائلها أن جملة أحاديثه مستوية لا باس بها، أما الرجل فله فيه وقفة، وقد يكون مراده حديثا معينا سئل عنه فنفى عنه الباس.
والله أعلم.

الصفحة 36