كتاب الكاشف (اسم الجزء: 1)

من غير طريقه، أما هو فمجهول، ولا يضره إن يكون حديثه غير مشهور إذا كان هو مشهورا بين علماء الحديث.
نقل المزي في " تهذيبه " 7: 7 في ترجمة حفص بن حسان أن النسائي قال فيه: مشهور، فتعقبه مغلطاي بان النسائي إنما قال: مشهور الحديث، وأخذ كلامه الحافظ فقال في " تهذيب التهذيب " 2: 399: " قلت: لفظ النسائي: " مشهور الحديث "، وهي عبارة لا تشعر بشهرة حال هذا الرجل، لا سيما ولم يرو عنه إلا جعفر بن سليمان، ففيه جهالة ".
فافادنا هذا القول التفرقة بين هاتين الكلمتين، وأن " مشهور " فقط تدل على رفع جهالة عين الرجل.
والله أعلم.
19 - وورد في التعليق على ترجمة القاضي القامس بن معن المسعودي قول الامام أحمد فيه: " مستور ثقة ".
وهو كثير الورد في " تاريخ بغداد " سواء من الخطيب نفسه أو مما ينقله عن غيره
1) .
وظاهر هذا التعبير مشكل، إذ كيف يكون ثقة وهو مستور، والمستور في الاصطلاح: من عرفت عدالته الظاهرة، وجهلت عدالته الباطنة، والثقة: من عرفتعدالته الظاهرة والباطنة وكان ضابطا.
وكنت سالت عن هذا الاشكال عام 1392 شيخنا محدث المغرب الشيخ عبد الله الصديق الغماري حفظه الله تعالى، فأجابني بجواب نقلته فيما علقته على نسبة
الشيرجي- من " الانساب " للسمعاني رحمه الله تعالى 7: 456، وهذا نصه: " أما قول الخطيب " مستور ثقة ": فيقصد بقوله: " مستور " مجهول العدالة في
الباطن مع كونه عدلا في الظاهر، وهو أحد أنواع المجهول الثلاثة، وقد قطع الاما سليم الرازي بالاحتجاج بروايته، قال ابن الصلاح: ويشبه أن يكون العمل على هذا الرأي في كثير من كتب الحديث المشهورة، وصحح النووي الاحتجاج به أيضا، ومثل هذا لا يقال عنه
ثقة- إلا مع لفظ
مستور) ، كما يفعل الخطيب، لافادة أن عدالته ظاهرية، وليترك للناظر في روايته حرية الاخذ بها أو عده، حسبما يقتضيه اجتهاده ويحثه، وعند التعارض تقدم عليها رواية من يقال فيه: ثقة أو صدوق ".
ثم رأيت ابن أبي يعلى حكى في " طبقات الحنابلة " 1: 127 في ترجمة الامام أبي القاسم الجنيد رضي الله عنه قصة تدل دلالة واضحة على أن
مستور- كلمة تستعمل في ذاك الوقت وبعده للدلالة على وصف الرجل بالعفة والفضل والكرامة، وما شابه هذه المعاني، - وهي في " القاموس " بمعني: العفة - وقد كان القاسم بن معن المسعودي المذكور أول هذه الفقرة موصوفا بهذه المعاني، كما يظهر من ترجمته في التهذيبين، ومن " أخبار القضاة " 3: 175.
وهذه حكاية ابن أبي يعلى: 1 " - قال: قال الجنيد: " رجاء رجل إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل ومعه غلام حسن الوجه، فقال له: من هذا؟ قال: ابني، فقال أحمد: لا تجئ به معك مرة أخرى، فلما قام قيل: أيد الله الشيخ، رجل مستور، وابنه أفضل منه! فقال أحمد: الذي قصدنا إليه من هذا ليسيمنع من سترهما، على هذا رأينا أشياخنا، وبه خبرونا عن أسلافهم ".
ثم وقفت على نصوص كثيرة تدل على المعنى الذي قدمته، وعدد منها جاء في تراجم الاندلسيين، مما صحح ظني السابق أنها كلمة محلية
بغدادية) .
وهذه بعض النصوص:

الصفحة 40