كتاب الكاشف (اسم الجزء: 1)

وعن ابن المواق: " لا خلاف أعلمه بين أعلمه بين أئمة الحديث في رد المجهول الذي لم يرو عنه إلا واحد، وإنما يحكى الخلاف عن الحنفية ".
وعن ابن رشيد قوله: " لا شك أن رواية الواحد الثقة تخرج عن جهالة العين إذا سماه ونسبه ".
هذه خلاصة ما في " فتح المغيث "، واقتصرت على حكاية الاقوال والمذاهب، وإليك البيان: 1 " - أما من لم يشترط في الراوي مزيدا على الاسلام: فلم أره مسمى، ولا أراه قريبا من مذهب أحد سمي إلا ابن حبان وشيخه ابن خزيمة، كما تقدم قريبا، لكنهما يشترطان في الراوي عنه أن يكون مشهورا غير ضعيف، فمذهبهما يتميز بهذين الشرطين.
2 " - وأما كونه مذهب الحنفية - في حكاية ابن المواق عنهم -: فهذا يحتاج إلى تفصيل، قال فخر الاسلام البزدوي رحمه الله في " أصوله " التي شرحها عبد العزيز البخاري في " كشف الاسرار " 1: 719: " وأما العدالة: فان تفسيرها الاستقامة، وهي نوعان: قاصر وكامل، 1 - أما القاصر: فما ثبت منه
بظاهر الاسلام واعتدال العقل، لان الاصل حالة الاستقامة، لكن هذا الاصل لا يفارقه هوى يضله ويصده عن الاستقامة، 2 - وليس لكمال الاستقامة حد يدرك مداه، لانها بتقدير الله تعالى ومشيئته تتفاوت، فاعتبر ي ذلك ما لا يؤدي إلى الجرح ... والمطلق من العدالة ينصرف إلى أكمل الوجهين ".
فقول الحنفية بالعدالة القاصرة: ممائل لقول ابن حبان: " إن العدل من لم يعرف فيه الجرح.."، لكن ابن حبان يحتج بحديث من هذا شانه، أما الحنفية: فلا، قال عبد العزيز البخاري في شرحه المذكور: " كشف الاسرار " الموضع المذكور: " وبهذه العدالة لا يصير الخبر حجة، لان هذا الظاهر عارضه ظاهر مثله، وهو هوى النفس فانه الاصل قبل العقل، وحين زرق العقل والنهى ما زايله الهوى، وإنه داع إلى العمل بخلاف العقل والشرع، فكان عدلا من وجه دون وجه..، فتردد الصدق في خبره بين الوجود والعدم من غير رجحان، فشرط كمال العدالة، وهو أن يكون مجانبا لمحظور دينه، ليثبت رجحان دليل العقل على الهوى، فيترجح الصدق في خبره ".
وأما الجهالة عندهم: فجهالة عداة، وجهالة في رواية الحديثبان لم يعرف هذا المجهول إلا بحديث أو حديثين.
أما جهالة العدالة: فقال الكمال ابن الهمام في " تحريره " 2: 247: " مسالة.
مجهول الحال - وهو المستور -: غير مقبول، وعن أبي حنيفة في غير الظاهر من الرواية عنه: قبول ما لم يرده السلف.
وجهها: ظهور العدالة بالتزامة الاسلام وك: أمرت أن أحكم بالظاهر
1) ، ودفع بان الغالب أظهر، وهو الفسق ".
فافاد أن المستور في مصطلح الحنفية يساوي مجهول الحال والعدالة في مصطلح المحدثين، وأفاد أيضا أن قبول روايته هو قول نقل عن الامام أبي حنيفة رحمه الله لكن في كتب النوادر التي هي غير كتب ظاهر الرواية، ومعلوم في أصول المذهب أن كتب ظاهر الرواية هي المعتمدة في المذهب، ولا يعتبر بما في سواها إلا إن نقل معه ترجيح من علماء المذهب، وهذا من ذاك، ونقل معه رده، كما ترى.

الصفحة 52