كتاب الكاشف (اسم الجزء: 1)

وأراني لم أنته بعد من الحديث عن هذا الصنف من الرواة، ولا بد لي من إتمام الكلام عنه بالحديث عن نقطتين: - مدى إمكانية الحكم على راو بانه تفرد بالرواية عنه فلان فقط.
- التنبيه إلى مصطلحات خاصة في كلمة
مجهول- ونحوها.
أما النقطة الاولى: فان طريق معرفة التفرد: أمر معلوم، هو التتبع والاستقراء، ثم إصدار الحكم، وهذا شان الائمة الموصوفين بانهم أهل ذلك.
إما أن يقوم بعملية التتبع رجل من أهل زماننا: فلا بد له من تقييد حكمه بان هذا ما وصل إليه بحثه في الكتب المسماة: كذا وكذا ... وقد قال الامام الذهبي - وهو من أهل التتبع والاتقراء بشهادة ابن حجر له في " شرح النخبة " ص 156 - في " تذكرة الحفاظ " 3: 948 في ترجمة الامام أبي بكر الاسماعيلي صاحب " المستخرج على صحيح البخاري ": " صنف - الاسماعيلي - " مسند عمر رضي الله عنه "، طالعته وعلقت منه، وانبهرت بحفظ هذا الامام، وجزمت بان المتأخرين على إياس من أن يلحقوا بالمتقدمين ".
والذهبي الذي هو من أهل التتبع: سيأتي ما يتعلق به في هذه الجزئية.
فالحكم على أن فلانا لم يرو عنه إلا فلان - بهذا الحصر التام - شان أئمة التتبع القدامى، أمثال ابن المديني وابن معين وأحمد والبخاري وأبي حاتم وأبي زرعة..، ومع ذلك فسيمر بك في التعليقات أمثلة على الاستدراك عليهم دعواهم هذه، وأن إمكانية دعوى اتفرد من إمام من أمثال من ذكرت: على خطر النقد والاستدراك، إلا إذا أخذت من هذا الامام بالتسليم، وتناقلها جماعة العلماء دون استدراك عليها، لان لسان حال الامام الناقل لها الساكت عليها: موافق مسلم، وحينئذ يحكم بالاطمئنان على الرجل بالجهالة العينية.
وسبب صعوبة هذا الحكم وكونه على خطر الاستدراك: تفرق الرواة في الامصار، وانتشار الاسانيد بانتشارهم.
قال الحافظ في " التهذيب " 1: 4 وهو يتحدث عن هذا المعنى: " وسببه انتشار الروايات وكثرتها وتشعبها ".
ومن الامثلة التي ستمر بالقارئ في التعليق - وبعضها جديد -:
1 " - قول ابن معين في رواية الدوري 2: 248
3823- عن شبيب بن بشر البجلي: " لم يرو عنه غيره " أي: غير أبي عاصم النبيل، مع أن المزي رحمه الله ذكر في " تهذيب الكمال " خمسة رجال آخرين سوى أبي عاصم.
2 " - وأغرب من هذا ما حصل لابن معين نفسه أنه قال في رواية الدوري 2: 462
4810- عن عيسى بن جارية الانصاري: " لا يعلم أحد روى عنه غير يعقوب القمي " مع أنه قال عنه برقم
4825) : " يحدث عنه يعقوب القمي وعنبسة قاضي الري ".
وأما المزي فاوصلهم إلى خمسة!.

الصفحة 56