كتاب الكاشف (اسم الجزء: 1)

يعرف، وهذا كلام مستروح، إذا لم يجد المزي قد ذكر للرجل إلا راويا واحدا جعله مجهولا، وليس هذا بمطرد ".
وقد اعتمد البرهان السبط في " حاشيته " هذه مسلك الذهبي وحكمه، فنقل كثيرا من أقواله التي نقلت نماذج منها، وسكت عنه، فيقال في صنيعه ما قيل في حق الذهبي أيضا.
وهنا يرد سؤال تكملة للبحث: هل قصد المزي استيعاب شيوخ المترجم والرواة عنه؟.
والجواب: ما قاله المزي نفسه في مقدمة " تهذيبه " 1: 151: " ذكرت أسماء من روى عنه كل واحد منهم، وأسماء من روى عن كل واحد منهم في هذه الكتب أو في غيرها، عنى ترتيب حروف المعجم ... ".
وقال الحافظ في مقدمة " تهذيب التهذيب " آخر صفحة 3: " ثم إن الشيخ - المزي - رحمه اله قصد استيعاب شيوخ صاحب الترجمة، واستيعاب الرواة عنه، ورتب ذلكعلى حروف المعجم في كل ترجمة، وحصل من ذلك على الاكثر، لكنه شئ لا سبيل إلى استيعابه ولا حصره ".
وصنيع المصنف الذهبي - وهو تلميذ المزي الفاهم عنه مقاصده في كتابه - نراه ينفي ويحصر: ما روى عن فلان إلا فلان: بناء على اقتصار المزي على ذكر هذا الواحد!.
وكان المزي رحمه الله لفرط تتبعه واجتهاده في ذلك ادعى هذه الدعوى، وإلا فمثله لا يغيب عن ذهنه إنه " شئ لا سبيل إلى استيعابه ولا حصره "!.
ولقد ترك رحمه الله للمتعقبين عليه ثغرة واسعة، مثل مغلطاي، كما أوقع المستسلمين لظاهر صنيعه في مآخذ عليهم، مثل الذهبي.
بل إني أقول: لا يبعد أن يفوته ذكر بعض هؤلاء - الشيوخ والتلامذة - وهم من رجال الكتب الستة، وإن كنت لا أستحضر مثالا على ذلك، لكني لا أبعده، وهو إن وجد فنادر.
وكان يظن إن المزي استوعب ما عند البخاري وابن أبي حاتم مما يتعلق بغرضه هذا، لكني رأيت أمثلة تخالف هذا الظن.
انظر التعليق على
123، 374) ، والمثال السابق برقم 16 ".
لذلك قلت في أول كلامي عن هذه النقطة: " إذا أخذت - دعوى التفرد - من هذا الامام بالتسليم، وتناقلها جماعة العلماء دون استدراك عليها ... " ولم أقصر كلامي على متابعة إمام واحد للامام القائل فقط، بل قلت: جماعة العلماء، اعتبارا من واقع الامام الذهبي في متابعته للمزي.
فدعوى التفرد تحتاج إلى تتبع، ودعوى تسليم العلماء بها تحتاج إلى تتبع أيضا.
والله ولي التوفيق.
أما النقطة الثانيد - وهي المصطلحات الخاصة بكلمة
مجهول- ونحوها -: 1 " - فتقدم أن الاصل في إطلاق
مجهول- إرادة جهالة العين.
2 " وتقدم أن اصطلاح أبي حاتم - وألحقت به ابنه عبد الرحمن وأبا زرعة - في إطلاقها: جهالة الحال.
وانظر ما ياتي بعد أسطر.

الصفحة 59