كتاب شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)

ومباحث ذلك تأتي إن شاء الله تعالى. قال نافع: (وأنه) أي ابن عمر (كان يقول) (اجعلوا آخر صلاتكم وترًا) وللأصيلي وأبي الوقت في نسخة عنهما وابن عساكر: آخر صلاتكم بالليل فزاد لفظ بالليل، وعزاها في الفتح لرواية الكشميهني والأصيلي فقط، (فإن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر به) أي بالوتر أو بالجعل الذي يدلّ عليه قوله اجعلوا.
فإن قلت: ما وجه المطابقة بين الحديث والترجمة: أجيب: بأنّ كونه عليه الصلاة والسلام على المنبر يدل على جماعة جالسين في المسجد، وعنهم الرجل الذي سأل عن صلاة الليل. ورواة هذا الحديث ما بين بصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول.

473 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ "أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ يَخْطُبُ فَقَالَ: كَيْفَ صَلاَةُ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ". قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَجُلاً نَادَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ.
وبه قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل (قال: حدّثنا حماد) وللأربعة حماد بن زيد (عن أيوب) السختياني (عن نافع عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما:
(أن رجلاً جاء إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يخطب) على المنبر (فقال: كيف صلاة الليل؟ فقال) ولأبي
ذر قال (مثى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة توتر) بالرفع على الاستئناف أو بالجزم جواب الأمر، وزاد في رواية أبي الوقت في نسخة لك، وعزاها فى الفتح للكشميهني والأصيلي (ما قد صلّيت) وإسناد الإيتار إلى الصلاة مجاز (قال) وفي رواية وقال (الوليد بن كثير) بالمثلثة القرشي المخزومي المدني ثم الكوفي مما وصله مسلم: (حدّثني) بالإفراد (عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله) العمري (أن) أباه عبد الله (بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (حدّثهم) أن رجلاً نادى النبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في المسجد قيل: ليس فيه ما يدل على الحلق. وأجيب بأنه شبه جلوس الرجال في المسجد حوله عليه الصلاة والسلام وهو يخطب بالتحلق حول العالم، لأن الظاهر أنه عليه الصلاة والسلام لا يكون في المسجد وهو على المنبر وعنده جمع جلوس إلاّ محدقين به كالتحلقين.

474 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: "بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَهَبَ وَاحِدٌ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فَجَلَسَ، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ. فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ الثَّلاَثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَى فَاسْتَحْيَى اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ".
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا) ولابن عساكر والأصيلي حدّثنا (مالك) الإمام (عن إسحاق بن عبد الله بن أو طلحة أن أبا مرة) بضم الميم يزيد (مولى عقيل بن أبي طالب) بفتح العين (أخبره عن أبي واقد) بالقاف والدال المهملة الحرث بن عوف (الليثي قال):
(بينما رسول الله) وللأصيلي النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) جالس حال كونه (في المسجد) زاد في كتاب العلم والناس معه (فأقبل ثلاثة نفر) من الطريق ودخلوا المسجد مارّين فيه وفيه زيادة الفاء على جواب بينما، وللأصيلي فأقبل نفر ثلاثة فـ (أقبل اثنان) من الثلاثة الذين أقبلوا من الطريق (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وذهب واحد) عطف على فأقبل اثنان (فأما أحدهما) أما للتفصيل وأحدهما رفع بالابتداء

والخبر قوله (فرأى فرجة فجلس) هذا موضع الترجمة وأدخل الفاء في فرأى لتضمن أما معنى الشرط وفي فجلس للعطف، وللأصيلي فرجة في الحلقة بإسكان اللام فجلس (وأما الآخر) بفتح الخاء أي الثاني (فجلس خلفهم) نصب على الظرفية (وأما الآخر فأدبر ذاهبًا) وهذه ساقطة من اليونينية، (فلما فرغ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مما كان مشتغلاً به من الخطبة أو تعليم العلم أو غير ذلك (قال: ألا أخبركم عن الثلاثة) وللأصيلي عن النفر الثلاثة (أما أحدهم فأوى) بالقصر أي لجأ (إلى الله فآواه الله) عز وجل بالمد، (وأما الآخر فاستحيا) ترك المزاحمة (فاستحيا الله منه) جازاه بمثل فعله بأن رحمه ولم يعاقبه، (وأما الآخر فأعرض) عن مجلس النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فأعرض الله عنه) أي جازاه بأن غضب عليه فهو من باب ذكر الملزوم وإرادة اللازم، لأن نسبة الإيواء والاستحياء والإعراض في حقه تعالى محُال، فالمراد لازم ذلك وهو إرادة إيصال الخير وترك العقاب.
وفي الحديث التحلّق للعلم والذكر وهو ظاهر فيما ترجم له، والحديث سبق في باب من قعد حيث ينتهي به المجلس من كتاب العلم.

85 - باب الاِسْتِلْقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ، وَمَدِّ الرِّجْلِ
(باب) جواز (الاستلقاء في المسجد ومدّ الرجل) سقط قوله ومدّ الرجل عند الأصيلي وأبي ذر وابن عساكر، وثبت في نسخة عند أبي ذر وابن عساكر كما في الفرع، وكذا

الصفحة 457