كتاب الكافي في فقه الإمام أحمد (اسم الجزء: 1)

فصل:
يحرم الخنزير، لنص الله تعالى على تحريمه، وكل ذي ناب من السباع، كالكلب والأسد والفهد، والنمر والذئب، وابن آوى والنمس، وابن عرس، والفيل والقرد، لما روى أبو ثعلبة «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن كل ذي ناب من السباع» . متفق عليه. وتحريم سباع الطير، كالعقاب والبازي والصقر والشاهين، والحدأة والبومة، لما روى ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «نهى رسول الله عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير» رواه مسلم وأبو داود.
ويحرم ما يأكل الجيف، كالنسر والرخم، وغراب البين، والأبقع والعقعق؛ لأنها مستخبثة لأكلها الخبائث، وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم» ذكر منها الحدأة والغراب. وما أبيح قتله، لم يبح أكله.
وتحرم الخبائث كلها، كالفأر والجراذين والأوزاغ والعظا والورل، والقنفذ والحرباء والصراصير والجعلان والخنافس والحيات والعقارب والدود والوطواط والخفاش والزنابير واليعاسيب والذباب والبق والبراغيث والقمل وأشباهها؛ لقول الله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] وقد روى أبو هريرة «أن القنفذ ذكر عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: هو خبيثة من الخبائث» رواه أبو داود. وما لم يذكره يرد إلى أقرب الأشياء شبهاً به، فيلحق به بالإباحة والتحريم؛ لأن القياس حجة، وما لم يكن شبيهاً بشيء منها فهو حلال؛ لقول الله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] . خرج من عمومها ما قام الدليل على تحريمه، والباقي يبقى على الأصل.

فصل:
القسم الثالث: حيوان البحر يباح جميعه؛ لقول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] إلا الضفدع؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن قتلها، ولأنها مستخبثة. وكره أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - التمساح؛ لأنه ذو ناب، فيحتمل أنه محرم؛ لأنه سبع ويحتمل أنه مباح للآية. وقال ابن حامد: يحرم الكوسج؛ لأنه ذو ناب، وقال أبو علي النجاد: لا يؤكل من البحري ما يحرم نظيره في البر، ككلب الماء وخنزيره وإنسانه، والأول أولى. وقد قال أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في كلب الماء: يذبحه، وركب الحسن بن علي على سرج عليه جلد كلب ماء.

الصفحة 558