كتاب النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة (اسم الجزء: 1)

17- ((مَا مِنْ عَبدٍ يَقولُ حِينَ رَدَّ اللهُ إليهِ رُوحَهُ: لا إلهَ إلا الله، وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ، وَلهُ الحمدُ، وَهو عَلى كلِّ شيءٍ قَديرٌ، إلا غَفرَ اللهُ لَهُ ذُنوبَهُ، وَلوْ كَانَتْ مِثلَ زَبَدِ البَحرِ)) . (¬1)
¬_________
(¬1) 17- ضعيف جداً.
أخرجه ابن السني (رقم 10) قال: حدثني أبو عروبة، قال: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن إسحاق، عن موسى بن وردان، عن نابل صاحب العباء، عن عائشة مرفوعاً 0
قلت: وهذا سند ساقط، مسلسل بالعلل. أما شيخ المصنف، أبو عروبة الحراني، فهو الحسين بن محمد بن أبي معشر، مودود السلمي. قال ابن عدي: ((كان عارفاً بالرحال وبالحديث.... شفاني حين سألته عن قوم من المحدثين)) . وقال أبو أحمد الحاكم في ((الكنى)) : كان من أثبت من أدركناه، وأحسنهم حفظاً)) . وهو مترجم في ((السير) 9 (14/ 510) ، وتذكره الحفاظ (2/ 774- 775) وغيرهما. ووهم من قال إنه: ((الحسين بن محمد بن أبي معشر السندي)) المترجم في ((الميزان)) (1/ 547) لأمرين: الأول: أن المترجم في ((الميزان)) يروي عن وكيع، وأبو عروبة لم يرو عن وكيع شيئاً، كما يعلم من ترجمة. الثاني: أن المترجم في ((الميزان)) قال فيه الذهبي: ((فيه لين)) . ثم نقل قول ابن المنادي: ((لم يكن بثقة)) وقول ابن قانع: ((ضعيف)) . أما أبو عروبة الحراني شيخ المصنف فقد مضى الكلام عليه، وأنه كان ثقة حافظاً. والله أعلم. وعبد الوهاب بن الضحاك، كذبه أبو حاتم، وصالح بن محمد، ورماه أبو داود بوضع الحديث. وإسماعيل بن عياش، إن روى عن المدنيين، فليس بشيء، وهذه الرواية منها. فإن ابن إسحاق مدني ثمَّ ابن إسحاق مدلس، وقدْ عنعنه. وموسى بن وردان، ونابل، مختلف فيهما.

والحديث عزاه في ((المطالب)) (3362) للحارث بن أبي أسامة. ثم رأيته في ((نتائج الأفكار)) (112) للحافظ ابن حجر، فذكر نحو ما ذكرت، فرواه من طريق المصنف هنا، ثم قال: هذا ((هذا حديث ضعيف= = جداً، أخرجه الحسن بن سفيان في ((مسنده)) عن عبد الوهاب بن الضحاك به)) . ثم قال: ((وقد وجدت الحديث في مسند الحارث بن أبي أسامة أخرجه من طريق الليث بن سعد، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن موسى بن وردان بهِ، وإسحاق ضعيف جداً، ولعل إسماعيل سمعه منه، فظنه عن ابن إسحاق)) أ. هـ‍. وأخرجه الخطيب في ((التاريخ)) (8/ 301) من طريق الحارث بن أبي أسامة، حدثنا خالد بن القاسم، حدثنا الليث بن سعد بمثل ما ذكره الحافظ. وخالد بن القاسم هو المدائني، وكان يُدخل الحديث على الشيوخ، تركه غير واحد منهم ابن المديني في رواية، والبخاري ومسلم والنسائي. وقال الساجي: ((أجمع أهل الحديث على ترك حديثه)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((صاحب حديث متقن، متروك الحديث، كل أصحابنا يجمع على تركه، غير علي بن المديني، فإنه كان حسن الرأي فيه)) .
قلت: وقد روى البخاري عن ابن المديني أنه تركه أيضاً، فالظاهر أنه كان حسن الرأي فيه أولاً، ثم سيره، فعرف حقيقته. وقد أخرج ابن حبان (ج 7/ رقم 5503) ، وعنه الحافظ في ((نتائج الأفكار)) (114) من طريق مسعر بن كدام، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الله بن باباه، عن أبي هريرة مرفوعاً: ((من قال حين يأوى إلى فراشه: لا آله إلا الله له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله. سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر، غفرت له ذنوبه - أو قال: خطاياه، شك مسعر - وإن كانت مثل زبد البحر)) . وخالفه سفيان الثوري وشعبة، فروياه عن حبيب بن أبي ثابت، به موقوفاً. أخرجه النسائي في ((عمل اليوم والليلة)) (816، 817) وقال: ليس في حديث شعبة: ((عند منامه)) . قال الحافظ في ((النتائج)) (144) : وهذا حديث حسن)) .
قلت: والخلاف بين هذه الرواية وبين حديث الباب، أن هذا صريح في أنه في الصباح، وحديث أبي هريرة يقال في المساء، وعلى كل حال فهو يُغني عنه. والله أعلم.

الصفحة 40