كتاب تبييض الصحيفة بأصول الأحاديث الضعيفة (اسم الجزء: 1)

(والصحيح) فى حديث الترجمة أنه من قول بعض السلف، فقد ورد معناه عن غير واحد من التابعين فمن بعدهم.
1 - فروى ابن أبي شيبة (13/ 549, 550) عن حسين الجعفى عن موسى الجهنى عن بعض أصحابه قال: "ما أتت على عبد ليلة قط إلا قالت: ابن آدم. أحدث فِىَّ خيرًا، فإنى لن أعود إليك أبدًا". ورجاله ثقات رجال الصحيح سوى قائله، فإنه لم يُسَمَّ. ولعلة تابعى فإن موسى يروى عن التابعين.
2 - وروى أبو نعيم (2/ 310) من طريق الإِمام أحمد عن عفان عن همام قال: سمعت أبا عمران الجونى يقول: "ما من ليلة تأتى إلا وتنادى: اعملوا فِىَّ ما استطعتم من خير، فلن أرجع إليكم إلى يوم القيامة". وإسناده صحيح، وأبو عمران الجونى تابعى ثقة، واسمه: عبد الملك بن حبيب.
3 - وروى أبو نعيم أيضًا (7/ 330) من طريق أحمد بن يحيى الصوفى قال: سمعت أبا غسان يقول: سمعت الحسن بن صالح يقول: الليل والنهار يبليان كل جديد، ويقربان كل بعيد، ويأتيان بكل موعود ووعيد، ويقول النهار: ابن آدم، اغتنمنى فإنك لا تدرى لعله لا يوم لك بعدى، ويقول له الليل مثل ذلك". وإسناده صحيح.
والحسن ثقة من أتباع التابعين، ولعله تلقاه من موسى الجهنى -فى الطريق الأولى- فإن له رواية عنه كما فى "التهذيب" (10/ 354).
وهذه الآثار -مع قصور ألفاظها عن لفظ حديث الترجمة المرفوع -إلا أنها لا مجال للرأى فيها إذ تتضمن إخبارًا عن أمر غيبى لا يتلقى إلا بتوقيف، فحكمها حكم المراسيل المرفوعة، إلا أنه يخشى أن تكون مأخوذة من الإسرائيليات، فالله أعلم.

الصفحة 106