كتاب تبييض الصحيفة بأصول الأحاديث الضعيفة (اسم الجزء: 1)

وقال أبو داود: "ثقة، لما مات كثير بن هشام، قيل: اليوم مات جعفر بن برقان" كما في "تاريخ بغداد" (12/ 483). وقال الإِمام الذهبي في (العبر) [1/ 277] .. "راوية جعفر بن برقان". ومن طريقه (موقوفًا) على أبي هريرة رواه الإِمام أحمد في "الزهد" (ص 178) وإبن أبي الدنيا في "الصمت" (194).
فالمراد أن اجتماع هذين الرجلين -مسكين وكثير- على إيقافه عن جعفر بن برقان لا يدع مجالًا للشك في أن محمد بن حمير قد وهم في رفعه. ولذلك لم نجد أحدًا خرجه ممن اشترط الصحة سوى ابن حبان. و "صحيحه" ملئ بعشرات الأحاديث التى أداه اجتهاده إلى تصحيحها وهى تستحق الوصف بالشذوذ أو الإعلال القادح.
بل الحديث أعرض عنه الإِمام أحمد في "مسنده" وأهل السنن وأصحاب المسانيد المشهورة، بل والطبراني في "معجمه الكبير" مع أنه اعتنى باستقصاء أحاديث أبي أمامة -خاصة- اعتناءً لا أعلم له مثيلًا. وقضية خلو الكتب المشهورة من حديث ما، لا نتعرض لها إلا بعد إثبات ضعف هذا الحديث أو إعلاله بما يقدح فتحكيم الحديث وعرضه على القواعد الاصطلاحية هو الأصل والأساس. أما رده ابتداءً لخلوه من كتب معينة، أو مخالفته لعقل قاصر، أو هوى متبع، فلا نعلم أحدًا يفعل ذلك إلا الحمقى والذين باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم.
الرابع: قوله: "لأنه لم يوصف بالخطأ"، فإن مقتضى كلام أبي حاتم والفسوى في تليينه -وإن لم يكن متضمنًا الوصف الصريح بذلك- إلا أنه يفهم منه أن في ضبطه قصورًا يقتضى عدم السلامة من الوهم والخطأ، بل لا أبعد إذا استظهرت أنهما قد اطلعا حقًا على أخطاء له غمزاه من أجلها.
الخامس: قوله: "وكلاهما من رجال البخارى". أما بشأن محمد بن حمير، فتقدم ما فيه. وأما مسكين بن بكير، فقد قال الحافظ في "هدى السارى" (ص 443): "ليس له في البخارى سوى حديث واحد عن شعبة عن خالد الحذاء

الصفحة 148