كتاب تبييض الصحيفة بأصول الأحاديث الضعيفة (اسم الجزء: 1)

المناهج، فمنها المطول والمختصر، ومنها ما يحرص صاحبه على سوق الأسانيد، ومن يحرص على حذفها. ومنها ما يتعرض صاحبه لأصل حديث ما لم يثبت، ويرده إلى قائله الَّذي ثبت عنه هذا الكلام موقوفًا عليه. أو آخر جعل جُلَّ همه أن يضعف نسبة الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم دون اهتمام برده إلى أصله بل منها من ينسب صاحبه الحديث إلى صحابي أو تابعي دون كان مدى ثبوته عنه، وهو لا يثبت. أو يكون ثابتا عن صحابي أو تابعي آخر ولم يقع لى تصنيف يلتزم بالغرض المتقدم ذكره سوى كتاب واحد، وهو: [الوقوف على الموقوف] للإِمام أبى حفص عمر بن بدر الموصلى رحمه الله (ت 624). لكنه لم يستوعب فيه كل الأحاديث غير الثابتة التي لها أصل موقوف، ولاجُلها، إذ غاية ما فيه واحد وخمسون ومائة (151) حديثًا فقط. ومع ذلك فقد سلك فيه مسلك الاختصار الشديد، إذ لم يُطِل ببيان الحديث الأصلى ولا أصله تخريجًا وجرحا وتعديلا، بل يكتفى بقوله - على سبيل المثال -: (قال ابن الجوزى: هذا حديث باطل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنما يروى هذا عن سفيان ... ) أو (قال الدارقطني: روى عن أبى الدرداء موقوفًا، وهو المحفوظ) (*). ولا شك أن هذا المنهج لا يقنع طالب الحديث المولع بالنظر في الطرق والأسانيد، ولا يشبع نهمته، ولا يروى غليله، ولا يعطيه الأمثلة العملية لفن التخرج والرجال والعلل. ولولا ما في حاشية الكتاب من الفوائد والتعليقات - جزى الله ساطرها - لكاد يكون عديم الجدوى
¬__________
(*) يعنى حديث "إنما العلم بالتعلم؛ وإنما الحلم بالتحلم" والرواية الموقوفة من طريق رجاء ابن حيوة عن أبي الدرداء. وهذا إسناد منقطع, وإنما ثبت عن ابن مسعود موقوفًا: "إن أحدًا لا يولد عالمًا، وإنما العلم بالتعلم". وهذا المثال يثبت ما قدمت في أول الكلام.

الصفحة 4