كتاب بهجة المحافل وبغية الأماثل (اسم الجزء: 1)
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت محمدا برا حنيفا ... رسول الله شيمته الوفاء
أتهجوه ولست له بكفؤ ... فشركما لخير كما الفداء
فان أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وفاء
ثكلت بنيتي ان لم تروها ... تثير النقع من كنفى كداء
ينازعن الأعنة مصعدات ... على أكتافها الاسل الظماء
قتلوه* شعر حسان الذي ردبه على أبي سفيان بن الحارث (برا) أى واسع الخير والنفع وقيل منزها عن المآثم (حنيفا) قيل أي مستقيما والاصح انه المائل الى الخير وقيل هو المتبع ملة ابراهيم وفي بعض النسخ بدله تقيا (شيمته) بكسر المعجمة وسكون التحتية وفتح الميم أى خلقه وسجيته (ولست له بكفؤ) أى بمثل وهو هنا بسكون الفاء مع الهمزة لا غير وقرئ في القرآن بضمها مع الهمز وتركها وسكونها مع الهمز (فشركما لخيركما الفداء) ان قلت في ظاهر هذا اللفظ ما يستبشع من حيث ان أفعل الذي للتفضيل تدل على الاشتراك في الوصف فقولك فلان شر من فلان دال على ان في كل منهما شرا فالجواب ان دلالة أفعل على الاشتراك في الوصف ليست مطردة عند اللغويين فقد أجاز سيبويه قولك مررت برجل شر منك اذا نقص عن ان يكون مثلك فبذلك يندفع الاستبشاع لا سيما وهو على حد قوله صلى الله عليه وسلم في صفوف الرجال وشرها آخرها يريد نقصان حظهم عن حظ الصف الاول ذكر معنى ذلك السهيلي وغيره (فان أبي ووالده وعرضي) احتج به ابن قتيبة لمذهبه ان عرض الانسان هو نفسه لا اسلافه لذكره عرضه واسلافه بالعطف وقال غيره عرض الانسان هي أموره كلها التى يحمد بها ويذم من نفسه واسلافه وكلما لحقه نقص يعيبه (ان لم تروها) يعنى الخيل كناية عن غير مذكور (تثير) بضم أوله رباعي أى تهيج (النقع) بفتح النون وسكون القاف أى الغبار (من كنفى) بفتح النون والفاء أى جانبى (كداء) بفتح الكاف مع المد وهى ثنية على باب مكة قال النووي وعلى هذه الرواية هذا البيت أقوال مخالف لباقيها أى لان باقيها مضموم وحق هذا الجر بالاضافة وفي بعض النسخ غايتها وفي بعضها موعدها وفي بعضها موردها وللبيهقي مطلعها (فائدة) كدى بضم الكاف مع القصر موضع عند باب الشبيكة بقرب شعب الشاميين من ناحية قعيقعان قال العدوي وبمكة موضع ثالث يقال له كدى بالضم والتصغير يخرج منه الى جهة اليمن (يبارين) بالموحدة وكسر الراء قال عياض هذه رواية الأكثرين ومعناها انها لصرامتها وقوة نفوسها يبارى أعنتها بقوّة جندها لها وهى ومنازعيها لها أيضا كما روى ينازعن (الاعنة) جمع عنان وروى الاسنة جمع سنان وهو الرمح قال عياض فمعناه يضاهين قوامها واعتدالها (مصعدات) أى مقبلات اليكم ومتوجهات يقال أصعد في الارض اذا ذهب فيها مبتدئا ولا يقال للراجع (على أكتافها) بالفوقية (الاسل) بفتح الهمزة والسين المهملة ولام أى الرماح (الظماء) أى الرقاق فكأنها لعلة مائها عطاش وقيل المراد العطاش لدماء
الصفحة 415
468